السودانشئون عربية

الفصل الأخير لتحرير السودان.. القوات المسلحة تتحرك نحو دارفور وكردفان وسط تحذيرات أممية وكارثة إنسانية

✍️ كتبت: د. هيام الإبس

في تطور عسكري كبير، أعلنت القوات المسلحة السودانية بالتعاون مع قوات “درع السودان” تكثيف جهودها والتحرك نحو ولايتي دارفور وكردفان، بهدف تحرير ما تبقى من المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات المتمردة، في وقت تتعالى فيه أصوات التحذير من كارثة إنسانية وشيكة نتيجة الفيضانات وتصاعد العمليات القتالية.

تنسيق ميداني وتوحيد إعلامي

جاء ذلك خلال اجتماع رفيع المستوى ضم قيادات القوة المشتركة والمحور الشرقي و”درع السودان”، ناقش ترتيبات العمليات القادمة، والتحديات الإعلامية التي تواجه القوات، وعلى رأسها الحملات التضليلية التي تهدف لتشويه صورة الجيش السوداني.

واتفق الحاضرون على أهمية توحيد الخطاب الإعلامي الوطني، وترسيخ وحدة الصف، وتبني استراتيجية إعلامية واضحة لكشف الحقائق ومواجهة حملات الفتنة، مع التركيز على رفع الروح المعنوية للمقاتلين الذين أبدوا إصرارًا كبيرًا على الوفاء بمهامهم الوطنية.

لقاء تكاملي لبحث المرحلة الحاسمة

وفي إطار تعزيز التكامل العسكري، عقد اللواء يحيى حسن النيل، برفقة النقيب حميدان زكريا خميس والنقيب عز الدين الأحمر داود، لقاءً تنسيقيًا مع القائد العام لـ”درع السودان” اللواء أبو عاقلة محمد أحمد كيكل، ناقش الخطوات المقبلة نحو بسط الأمن والاستقرار في كافة أرجاء البلاد، ووضع اللبنات الأولى لمرحلة البناء والإعمار.

وقد أكد الطرفان على ضرورة الإسراع في تنفيذ العمليات العسكرية في دارفور، في وفاء لتضحيات الشهداء وثقة الشعب السوداني في قواته المسلحة.


تحذير أممي من كارثة إنسانية مرتقبة

في موازاة التطورات العسكرية، دق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ناقوس الخطر بشأن تداعيات موسم الأمطار، محذرًا من أن الفيضانات المحتملة قد تؤدي إلى قطع الطرق وتعطيل إيصال المساعدات الإنسانية وتفشي الأمراض.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن نصف مليون شخص تأثروا بالفيضانات في العام الماضي، ومع النقص الحاد في التمويل الإنساني هذا العام، باتت قدرة الأمم المتحدة على الاستجابة محدودة للغاية.

تحركات دبلوماسية لخفض التصعيد

وفي هذا السياق، أعلن دوجاريك أن المبعوث الأممي للسودان رمطان لعمامرة يكثف جهوده لدعم حل سياسي للصراع، بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي، ويستعد لعقد اجتماع تشاوري جديد في أديس أبابا.

في موازاة ذلك، أجرى توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، اتصالات مباشرة مع قيادات الجيش وقوات الدعم السريع في محاولة لفرض هدنة إنسانية عاجلة، تُمكن من إيصال المساعدات للمحاصرين في مدينة الفاشر شمال دارفور، والتي تشهد نزوحًا متسارعًا لأكثر من 400 ألف شخص.


كردفان ودارفور.. أوضاع مأساوية ونزوح متصاعد

تواجه ولايتا كردفان ودارفور أوضاعًا إنسانية كارثية، حيث أدى القتال المستمر إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين، ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فإن أكثر من 30 ألف شخص فروا من شمال وغرب كردفان، فيما وصل 8 آلاف نازح حديثًا إلى محلية “الدبّة” في الولاية الشمالية.


الميليشيات الإثيوبية تعود لاجتياح الفشقة وتنهب سوق القلابات

في تطور خطير على الحدود الشرقية، اقتحمت قوة مسلحة إثيوبية يُعتقد أنها تتبع لميليشيا “الفانو” سوق الماشية في مدينة القلابات بولاية القضارف، ونهبت أموالًا وهواتف من المواطنين قبل أن تنسحب مجددًا إلى داخل الأراضي الإثيوبية، وسط غياب تام لأي رد حكومي فوري.

كشفت مصادر محلية عن عودة ميليشيات إثيوبية إلى منطقة الفشقة، بالتزامن مع موسم الزراعة، ما أثار فزع المزارعين السودانيين الذين فوجئوا بوجود مسلحين يرافقون مزارعين إثيوبيين في الأراضي المتنازع عليها.

وأعرب مبارك النور، البرلماني السابق، والأمين العام لتنسيقية شرق السودان، عن قلقه من خطورة عودة هذه الميليشيات، محذرًا من أنها تهدد الأمن الزراعي، وتمنع المزارعين السودانيين من استغلال أراضيهم، مطالبًا بتدخل عاجل من مجلس السيادة لتأمين المنطقة.


دعوات لتنمية الشريط الحدودي وتأمين الفشقة

وجدد ممثلو المزارعين مطالبهم القديمة بضرورة تنمية الشريط الحدودي في الفشقة، وإنشاء قرى نموذجية وبنية تحتية مستدامة، من جسور وكباري، خاصة مع توقف “البنطونات” نتيجة انخفاض منسوب النهر، مما يضطر السكان إلى استخدام لنشات صغيرة لا تصلح لنقل المركبات أو المعدات الزراعية.

وأكد النور أن الميليشيات الإثيوبية عادت للسيطرة على مساحات لم تُحصَر حتى الآن داخل الأراضي السودانية، واصفًا الوضع الأمني في الفشقة بـ”الخطير” الذي يستدعي تدخلاً عاجلًا على أعلى المستويات السيادية.


ختامًا.. السودان على مفترق طرق

بين تصعيد عسكري في الغرب، وتدهور إنساني في الوسط، وتوغلات حدودية من الشرق، يبدو السودان على مفترق طرق خطير، حيث تكتب القوات المسلحة ما قد يكون الفصل الأخير في معركة تحرير البلاد، في وقت يزداد فيه الضغط الدولي والدبلوماسي لإيجاد مخرج سياسي شامل.

لكن التحدي الأكبر، كما تقول الوقائع على الأرض، ليس فقط في استعادة السيطرة العسكرية، بل في إعادة الأمن والحياة الكريمة لملايين السودانيين النازحين والمهددين بالمجاعة والأمراض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى