الرياضة

مانشستر…. غزة وأمة الهلال

بقلم أيقونة الاتزان/ السفير د. أحمد سمير

 

 

في ليلةٍ كروية لا تُنسى، اجتمعت أمة الهلال، ولكن ليست هلال السماء المعروف عنهم في الأرض بأمة الإسلام، ولكن أمة أو جمهور نادي الهلال السعودي فقد ارتفعت قلوب العرب قبل أيديهم، وتعلقت الأبصار بشاشة تنقل مباراة الهلال السعودي، الفريق العربي المسلم في مواجهة مانشستر سيتي الإنجليزي، أحد أعظم أندية العالم، المدجج بالنجوم والمليارات.

 

لكن ما حدث لم يكن مجرد مفاجأة رياضية… بل معجزة بكل المقاييس.

 

الهلال يسجل… والأمل يعود!

 

هدف تلو هدف، والدهشة تتحول إلى تصديق، والتصديق إلى دعاء، والدعاء إلى بكاء، ثم إلى فرح غير مصدّق… نعم، الهلال فاز 4–3!

 

ذلك الفوز لم يكن فقط في شباك مانشستر سيتي، بل في قلوب الملايين، الذين جلسوا أمام الشاشات بكل جنسياتهم ولهجاتهم، يتوحدون خلف قميص أزرق واحد، يركض فيه الحلم العربي على عشب الحقيقة.

 

فوز رغم المستحيل… وانتفاضة رغم الصمت

 

لم نكن نصدق أننا سنفوز، لكننا رغبنا بذلك ولم نبدأ المباراة بدعاء حقيقي، لكن حين رأينا الحلم يتحرك على الشاشة، خفنا عليه، فدعونا، وتمنينا، وشددنا الأيدي، وجاء الفوز وكأنه يقول لنا “إن صدقتم النية، وأخذتم بالأسباب، فإن السماء لا تخذل قلوبًا أخلصت”

 

لكن السؤال المؤلم هنا: لماذا ننتصر في الملاعب… ونُهزم في فلسطين؟

 

هل نحتاج خصمًا يرتدي قميصًا أوروبيًا لنتوحد؟

 

في غزة، كل يوم تُسجّل أهداف… لكنها ليست في مرمى الاحتلال، بل في صدور الأطفال، وفي أحلام الشهداء.

 

هناك، لم نرَ “تمثيلًا مشرّفًا” بل موتًا حقيقيًا، ودمًا لا يغسل بالماء، وصمتًا لا يُحتمل.

 

في كرة القدم، نحن جمهور… وفي فلسطين، نحن متفرجون.

 

في مباراة الهلال، لم نسمح لليأس أن يكسرنا… فلماذا نسمح له أن يشلنا حين يتعلق الأمر بفلسطين؟ لماذا نفرح

نفرح عند هدف ونتنهد عند شهيد؟

 

لماذا حين صرخت الشباك في الملعب، ارتجّت مشاعر الملايين، وحين تصرخ غزة، لا ترتجّ إلا أطرافها؟

 

هل نحتاج نجمًا عربيًا يسجل في تل أبيب لنتحرك؟

 

ربما لا ينقصنا شيء سوى “إيمان جماعي” بحتمية النصر، كما آمنّا فجأة بإمكانية الفوز على السيتي.

 

في الملاعب، نصدق المعجزات… وفي ميادين الكرامة، نشكّ في الدعاء!

 

لكن، ما الذي يمنعنا من أن نكون “أمة الهلال المسلمة” أمام كل محنة؟

 

أن نتوحد في دعاء، في دعم، في كلمة، في موقف، في سلاح أخلاقي على الأقل… لماذا لا نغضب لفلسطين كما نغضب لبطاقة حمراء في مباراة حاسمة؟

 

أيها العرب… من يقف بينكم وبين السماء؟

 

هل أصبح الدعاء محصورًا في المدرجات؟

 

هل النصر لا يُستحق إلا إذا كان بنكهة كروية؟

 

لا أحد يرفض الفرح، لكن الأوطان لا تُحرر بالتصفيق وحده.

 

والمعادلة واضحة: إذا صدقنا، واتحدنا، ودعونا، وعملنا…

 

فإن النصر في الميدان ليس أعسر من هدف في الدقيقة 90.

ختاما غزة لا تطلب منكم أكثر مما فعلتم للهلال: أن تؤمنوا، أن تحبوا، أن تدعوا، أن تدعموا، أن تشعروا.

 

لعلّها حينها، تنتصر حقًا… لا في مباريات كأس العالم، بل في مباراة البقاء.

 

 

 

السفير د. أحمد سمير

عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة

السفير الأممي للشراكة المجتمعية

رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى