اقتصاد

الرمال السوداء..كنز مدفون يحل أزمة الطاقة في مصر

بقلم / رمضان النجار

في ظل التحديات العالمية والمحلية المتزايدة المرتبطة بأزمة الطاقة، تبحث الدولة المصرية، كما غيرها من الدول، عن بدائل حقيقية ومستدامة لمصادر الطاقة التقليدية مثل الغاز والسولار، التي باتت تشكّل عنصر ضغط على الاقتصاد، ومصدرًا للصراعات الدولية. ومع تزايد أعباء انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع فاتورة الكهرباء، أصبح من الضروري الاتجاه نحو مصادر طاقة بديلة وآمنة ومتجددة.

وبينما تنصب الأنظار عالميًا نحو الطاقة الشمسية والرياح، تطل الرمال السوداء كثروة مصرية غير مستغلة، تحمل في باطنها معدنًا يمكنه قلب موازين الطاقة ليس في مصر وحدها، بل في العالم بأسره: الثوريوم.


الرمال السوداء.. الحل الذهبي لأزمة الطاقة

قد يظن البعض أن الربط بين الرمال السوداء وحل أزمة الطاقة هو نوع من الخيال أو المبالغة، لكن الحقيقة التي يؤكدها خبراء الطاقة النووية هي أن الثوريوم المستخرج من الرمال السوداء يُعد خيارًا نوويًا واعدًا وأفضل بكثير من اليورانيوم، سواء من حيث الأمان أو التكلفة أو الوفرة.

يقول الدكتور هشام ناصف، مدير مركز تطوير المفاعلات النووية في اليابان، إن الثوريوم يعتبر بديلًا آمنًا وفعالًا لليورانيوم، ويمكنه تشغيل المفاعلات النووية بكفاءة عالية، مع نسبة أمان تفوق مثيلتها في المفاعلات التقليدية.


الثوريوم.. كنز مصر النووي المنسي

تشير تقديرات الجيولوجيين إلى أن مصر تمتلك مخزونًا يُقدّر بنحو 380 ألف طن من الثوريوم، يتركز في الرمال السوداء المنتشرة على السواحل الشمالية، لاسيما دلتا النيل والساحل الشمالي. وبذلك، تحتل مصر موقعًا مميزًا على خريطة الثروات النووية العالمية، بما يمثل نحو 7٪ من احتياطي الثوريوم العالمي.

ويؤكد الدكتور منير عبد الفتاح، رئيس قطاع الإنتاج السابق بهيئة المواد النووية، أن 50 كيلوجرامًا فقط من الثوريوم تكفي لتشغيل مفاعل نووي بقدرة 1000 ميجاوات لمدة تتراوح من 20 إلى 40 عامًا.


فرصة ذهبية نحو الاكتفاء الذاتي

إذا تم استغلال هذه الثروة بالشكل الأمثل، فإن مصر تمتلك فرصة حقيقية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، والتخلص نهائيًا من أزمة انقطاع الكهرباء، بل وقد تصبح مصدرًا لتصدير الطاقة النووية النظيفة إلى دول الجوار، في ظل الطلب العالمي المتزايد على مصادر الطاقة الآمنة والمستدامة.

ويرى الخبراء أن الاعتماد على الثوريوم سيقلل من الضغط على محطات الكهرباء التقليدية، ويُسهم في خفض فاتورة الدعم، وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي حقيقي.


تساؤلات مشروعة.. ونداء للدولة

وسط هذه الحقائق العلمية والفرص الاقتصادية الضخمة، يبقى السؤال الأهم:
هل تدرك الدولة المصرية حجم الكنز الذي تملكه؟
ولماذا لا يتم الاستثمار الجاد في هذه الثروة الطبيعية التي منحنا الله إياها بلا عناء؟
ولماذا تُباع الرمال السوداء بثمن بخس في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه مفتاحًا لحل أكبر أزمة تواجه المصريين يومًا بعد يوم؟

إن استغلال الرمال السوداء والثوريوم لا يجب أن يبقى مشروعًا مؤجلاً، بل لابد أن يدخل ضمن أولويات الأمن القومي والطاقة المستدامة.


رمضان عبد الفتاح النجار

كاتب وباحث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى