السودانشئون عربية

الأمم المتحدة: أكثر من 1.3 مليون سوداني عادوا إلى ديارهم وسط دمار وكوارث إنسانية

كتبت: د. هيام الإبس

أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أن أكثر من 1.3 مليون سوداني شردتهم الحرب، بينهم مليون نازح داخلياً، قد عادوا إلى ديارهم، رغم الأوضاع غير الآمنة وغياب الخدمات الأساسية، داعيةً إلى ضرورة تقديم الدعم العاجل لهم لتأمين احتياجاتهم الإنسانية.

عودة محفوفة بالمخاطر

وأوضحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن العودة بدأت منذ أواخر عام 2024، وأن ذروتها كانت منذ يناير الماضي، حيث عاد نحو 320 ألف شخص في الأشهر الأخيرة. وتركّزت العودة في ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة، وهي من أكثر المناطق تضررًا جراء الحرب التي اندلعت في أبريل 2023.

وقال مامادو ديان بالدي، منسّق المفوضية الإقليمي للأزمة في السودان:

“هناك المزيد والمزيد من النازحين الذين قرروا العودة، رغم أنهم لا يملكون شيئًا تقريبًا، ويعودون إلى ديار مدمرة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة”.

بنية مدمرة ووثائق مفقودة

أشارت تقارير المنظمات الأممية إلى أن العائدين يواجهون تحديات هائلة أبرزها الدمار الكامل للبنية التحتية، وتحويل المدارس والمستشفيات إلى ملاجئ، وفقدان وثائق الأحوال المدنية، مما يحرمهم من الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم.

كما تنتشر في المناطق العائدة إليها الذخائر غير المنفجرة، ويُسجل ارتفاع مقلق في حالات العنف الجنسي، خاصة ضد النساء والأطفال، وسط غياب شبه تام للحماية القانونية والخدمات الاجتماعية.

توقعات بعودة 2.1 مليون إلى الخرطوم

أوضح عثمان البلبيسي، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، أن تدفقات العودة إلى الخرطوم بدأت تدريجياً منذ مارس الماضي، معربًا عن توقعات بعودة نحو 2.1 مليون شخص إلى العاصمة بحلول نهاية 2025، إذا ما سمحت الظروف الأمنية وتحسنت الخدمات.

لكن البلبيسي حذر من أن هذا السيناريو الإيجابي مشروط بتحسن الوضع الأمني وقدرة المؤسسات الدولية والمحلية على استعادة الخدمات الأساسية.

أزمة إنسانية هي “الأكثر تدميراً” في العالم

وصف تقرير مشترك للأمم المتحدة الأزمة في السودان بأنها “الأكثر تدميراً في العالم حالياً”، بعد مرور 27 شهراً على بدء الحرب في الخرطوم منتصف أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وقد أسفرت الحرب عن أكثر من 150 ألف قتيل بحسب تقديرات غير رسمية، بينما تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أكثر من 40 ألف وفاة موثقة بالمستشفيات، في حين تجاوز عدد النازحين داخليًا 12 مليونًا، وفرّ أكثر من 4 ملايين إلى خارج البلاد.

شعب على حافة المجاعة

تشير أرقام برنامج الغذاء العالمي إلى أن نحو 26.6 مليون سوداني، أي أكثر من نصف السكان، يواجهون أزمة انعدام أمن غذائي حادة، مع تسارع انهيار العملة الوطنية، التي فقدت أكثر من 20% من قيمتها خلال 10 أيام فقط.

كما يعاني 15.9 مليون طفل من الانقطاع عن التعليم، إذ لم يتمكن 9 ملايين طفل من العودة إلى مدارسهم بسبب النزوح، في حين فَقَد نحو 6 ملايين آخرين فرصة الالتحاق بالتعليم أصلًا.

النظام الصحي على حافة الانهيار

ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 124 منشأة صحية تعرّضت للتدمير الكامل أو الجزئي، ما أدى إلى انخفاض نسبة الحصول على الرعاية الصحية إلى أقل من 18%.

كما يُواجه 3 ملايين طفل خطر الإصابة بأمراض الطفولة المعدية مثل الحصبة والملاريا والكوليرا، وسط نقص حاد في الغذاء واللقاحات وانهيار خدمات التحصين.

دمار اقتصادي وثقافي شامل

أدت الحرب إلى دمار واسع في البنية التحتية الزراعية، وفقدان السودان لدوره كمصدر غذائي للمنطقة. كما تضررت 64 منشأة للمياه والكهرباء، مما جعل 70% من السكان محرومين من خدمات أساسية.

ولم تسلم دور العبادة والمواقع الثقافية، حيث تضررت 180 دار عبادة (منها 165 كنيسة)، و10 مواقع تراثية، من بينها المتحف القومي، وفقًا لليونسكو.

نداء عاجل للتمويل والدعم

وسط هذه الكارثة، ناشدت الأمم المتحدة المجتمع الدولي لتقديم مساعدات عاجلة لسد العجز الكبير في تمويل العمليات الإنسانية داخل السودان وفي الدول المضيفة للاجئين، محذرة من أن تجاهل هذه الكارثة سيؤدي إلى مزيد من الانهيار والتدهور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى