أراء وقراءات

المِسْلاخُ

بقلم: محمد أحمد نجم 

قد يبدو عنوان هذا المقال غريبًا بعض الشيء على الأذهان، نافرًا في نغمه، وربما غير مألوف لدى كثيرين. لكن “المِسْلاخ” – كما ورد في معاجم اللغة العربية – يحمل في جوهره أكثر من معنى، شأنه شأن لغتنا العربية الثرية. أما ما أقصده تحديدًا هنا، فهو الصورة التي تُزيّف الحقيقة، وتُخفي الجوهر خلف قناع… وهذا هو محور حديثي.

سُفهاء في مسلاخ حكماء

في زماننا هذا – إلا من رحم ربي – بات السفيه يتزين بمسلاخ الحكيم، والمعتوه يتقمص هيئة العاقل، والمتسلق يدّعي البطولة. تجد من يضع النظريات، ويؤسس لمفاهيم مشوّهة، ثم يسوقها على أنها حقائق، بل ويدعو لتبنيها كمنهج حياة وأسلوب بقاء.

رويبضات يتصدرون المشهد

رويبضة القوم، عديمو الفهم وأصحاب الهوى، يتصدرون الصفوف، ويسيطرون على المشهد. يسردون على مسامعنا روايات باطلة، وقصص كفاح مختلَقة، مدّعين أنهم رموز للقدوة والإلهام. يبيعون الوهم في هيئة الأمل، ويقدمون الزيف على أنه الحقيقة.

أقنعة الفضيلة… ونوايا خبيثة

يتقمصون ثياب الطهر والعفاف، ويُظهرون ملامح الحكمة والاتزان، بينما هم – والله – أبعد ما يكونون عن ذلك. ذهبوا معنا إلى المراعي، ثم عادوا متحالفين مع الذئب لينهشوا ما تبقى من أحلامنا. عيونهم تبكي كذبًا، ووجوههم تذرف دموعًا مصطنعة، يستغلون بساطتنا ويختبرون طيبة قلوبنا… لكن هيهات.

دعاة خراب… في مسلاخ بناء

قد عرفناكم الآن؛ أنتم أصحاب الحظ الفاني في مسلاخ الباقي، دعاة على أبواب جهنم في هيئة ملائكة الجنة. بعتم الغالي بثمن بخس، وارتضيتم لأنفسكم موقع المخادعين في مسلاخ المصلحين. ما رأينا منكم إلا الهدم والتشويه، وأنتم تدّعون البناء والتعمير.

الزيف نهج… والمكر ديدن

الخديعة شعاركم، والمكر أسلوبكم، والزيف لغتكم. تأتوننا بشراب مُرّ مُذهِب للعقول، وتدّعون أنه من النبع الطاهر النقي. صوّركم براقة، وقلوبكم سوداء، كلماتكم منمقة، ونواياكم مُظلمة.

فدعونا نحلم… بلا تشويه

يا أصحاب الألف وجه… كفى! أسقيتمونا الوهم حتى ارتوينا منه مرارة. أما آن الأوان أن تتركوا لنا فسحة نعيش فيها بسلام؟ أن نُحقق ما نرجو دون كدر أو تكدير؟ أن نحلم كما نشاء دون أن تمزقوا أحلامنا بمخالبكم؟

أتمنى… من كل قلبي.

محمد أحمد نجم

كاتب من طين مصر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى