فلسطينشئون عربية

التعطيش.. سلاح صهيوني لإبادة أهالي غزة جماعيًا


كتب – محمد السيد راشد

في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، برزت أزمة المياه كأحد أخطر التهديدات التي تواجه أكثر من مليوني فلسطيني، بعد أن دمّر الاحتلال البنية التحتية للمياه، وأوقف محطات التحلية، وعطّل غالبية الآبار، ليُحرم السكان من حقهم الأساسي في المياه النظيفة.

الاحتلال يُستخدم “سلاح التعطيش”

منذ اليوم الأول للعدوان في مارس/آذار الماضي، أعلن الاحتلال استخدام “سلاح التعطيش” كوسيلة لإخضاع السكان المدنيين، فأغلق المعابر، ومنع إدخال الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات التحلية، قبل أن يقطع بشكل مباشر إمدادات شركة “ميكروت” الإسرائيلية، ليحوّل العطش إلى وسيلة تعذيب جماعي.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن أكثر من 96% من مياه غزة غير صالحة للشرب، بسبب التلوث وخلط المياه العذبة بمياه مالحة أو كيميائية. وتوقّفت محطات التحلية، بينما أصبحت مشاهد الطوابير الطويلة أمام شاحنات المياه مألوفة، في محاولة للحصول على جالون أو اثنين من “الماء الحلو”، الذي بات يُباع بأسعار مرتفعة تصل إلى 4 شواكل للجالون الواحد.

شهادات من قلب المعاناة

تقول “رؤى القطاع”، وهي شابة من غزة:

“ننتظر لساعات للحصول على جالون ماء واحد، وغالبًا ما يكون ملوثًا، الماء سبّب أمراضًا معوية لأطفالنا، لكن لا بديل أمامنا.”

أما النازحة “هنا أبو شعبان”، فتؤكد أن المياه التي تصلهم ذات طعم غريب يشبه الكلور، ولا تصلح لا للشرب ولا للطهي، وتضيف:

“حتى عند غليها لتعقيمها، تختلط برماد النار نتيجة الطبخ في أماكن مفتوحة.”

بنية تحتية مدمّرة.. ونصيب الفرد 5 لترات فقط

بحسب المهندس عصام النبيه، المتحدث باسم بلدية غزة، فإن أضرار قطاع المياه تجاوزت 75%، حيث تم تدمير 63 بئرًا من أصل 80 بئرًا بفعل القصف الإسرائيلي، وتوقفت محطة التحلية الرئيسية شمال غرب المدينة عن العمل.

ويقول النبيه:

“نضخ فقط 12% من احتياجات المدينة اليومية من المياه، ونصيب الفرد لا يتجاوز 5 لترات يوميًا، بينما الحد الأدنى الموصى به دوليًا هو 100 لتر للفرد.”

وأشار إلى أن أكثر من 100 ألف متر من خطوط المياه تضررت، خصوصًا في المناطق الشرقية من غزة، حيث تقع محابس مياه “ميكروت” تحت السيطرة الإسرائيلية، مما يُعيق أي محاولة لإصلاحها.

كارثة بيئية وصحية وشيكة

حذّرت بلدية غزة من كارثة صحية بيئية محدقة، خاصة في مراكز الإيواء وخيام النازحين، حيث تنتشر الأمراض المعوية والجلدية بين الأطفال نتيجة استخدام مياه ملوثة وسوء الصرف الصحي.

ودعت البلدية المؤسسات الدولية والأممية إلى التدخل الفوري للضغط على سلطات الاحتلال من أجل:

  • إدخال كميات كافية من الوقود.

  • توريد معدات لصيانة البنية التحتية.

  • تشغيل محطات التحلية.

  • السماح للطواقم الفنية بالوصول إلى المناطق المنكوبة.

  • إعادة تشغيل خطوط مياه “ميكروت”.

وسط هذه المعاناة اليومية، يُضاف العطش إلى قائمة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، في محاولة لخنق الحياة في غزة بكل وسيلة ممكنة.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى