لطيفة قرآنية: الفرق بين الزنا والبغاء والسفاح

إعداد الشيخ/ محمد محمود عيسى
جاءت الشريعة الإسلامية لتضع ضوابط واضحة تحمي المجتمع من الانحراف، وتصون الأعراض، وتحقق الطهارة والعفة بين أفراده. ومن أبرز ما تحدث عنه القرآن الكريم والسنة النبوية قضية العلاقات غير المشروعة، وقد فرّق الإسلام بين عدة مصطلحات مرتبطة بهذا الباب، مثل الزنا، البغاء، السفاح. وفي هذه اللطيفة القرآنية نوضح الفرق بينها وأحكامها.
أولًا: الزنا
قال الله تعالى في سورة الإسراء :
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾
قال الله تعالى في سورة النور:
﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾.
الزنا هنا فعل غير المحترف، وقد يقع مرة أو أكثر.
حد الزاني غير المحصن (غير المتزوج ولم يسبق له الزواج) والمرأة كذلك: مائة جلدة.
أما الزاني المحصن (المتزوج أو سبق له الزواج): فحَدُّه الرجم حتى الموت إذا ثبت عليه الزنا بالاعتراف أو بشهادة أربعة شهود عدول.
من أدلة ثبوت الزنا على المرأة: الحمل البيّن، لكن لا تُرجم إلا بعد الوضع وفطام الولد عامين إذا كان الحمل هو الدليل.
رجم النبي ﷺ ماعزًا حين اعترف بالزنا، ورجم الغامدية بعد ولادتها، كما رجم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
حكم الرجم للمحصن والمحصنة ثابت في السنة المطهرة، وكان مما نزل ثم نُسخ لفظًا وبقي حكمًا: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله».
ثانيًا: البغاء
البغاء هو الزنا المحترف، أي الزانية المشهورة به التي تتقاضى أجرًا مقابل فعلها.
في الحديث الصحيح: «نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب، وحلوان الكاهن، ومهر البغي».
قال تعالى على لسان السيدة مريم:
﴿قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾ (مريم: 20).- البغاء محرم تحريماً مطلقاً في الإسلام، ويُعدّ فعله من الكبائر التي تستوجب عقوبات شديدة، كعقوبة الزنا، فهو زنا باتفاق الفقهاء.
ثالثًا: السفاح
السفاح هو الزنا المحترف أيضًا، لكن مع إقامة مستمرة بين الرجل والمرأة على الفاحشة.
قال تعالى:
﴿فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ (النساء: 25).- السفاح محرم تحريماً مطلقاً في الإسلام، ويُعدّ فعله من الكبائر التي تستوجب عقوبات شديدة، كعقوبة الزنا.
خاتمة
يتضح من هذه اللطيفة القرآنية أن الإسلام فرّق بين الزنا العارض، والبغاء كمهنة مشينة، والسفاح كإقامة مستمرة على الفاحشة، وجعل لكل منها حكمًا يحقق الردع والحماية للمجتمع. وما شرعه الإسلام من حدود إنما هو رحمة بالأمة، وصيانة لكرامتها، وحماية لعفتها.
الشيخ / محمد محمود عيسى
منشاة سلطان – منوف – المنوفية