البرهان يلقي كلمة السودان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
سفير السودان بجوبا يحذر من تهديد الدعم السريع لحقول النفط الحيوية

كتبت/د.هيام الإبس
من المقرر أن يلقي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، كلمة السودان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها الثمانين، وذلك في مدينة نيويورك يوم الخميس الموافق السادس والعشرين من سبتمبر المقبل، وفقاً للترتيب الأولي للمتحدثين المدرج ضمن جدول أعمال الدورة.
وتُعد هذه المناسبة هي الرابعة التي يتحدث فيها البرهان أمام الجمعية العامة منذ توليه رئاسة مجلس السيادة في عام 2021، ما يعكس استمرارية مشاركة القيادة السودانية في المحافل الدولية الكبرى، ووفقاً لما أفادت به مصادر دبلوماسية ، فقد أنهت البعثة الدائمة للسودان لدى الأمم المتحدة في نيويورك كافة الترتيبات المتعلقة بمشاركة الوفد الرسمي، بما يشمل التنسيق اللوجستي والبرنامج الدبلوماسي المصاحب.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن وزارة الخارجية السودانية، بالتعاون مع السفارات المعنية والجهات المختصة، أنجزت إعداد الملفات المرتبطة بأجندة السودان خلال الدورة، بما يتماشى مع أولويات المرحلة الراهنة، كما أشارت إلى أن البعثة تلقت عدداً من الطلبات لعقد لقاءات ثنائية تجمع بين المسؤولين السودانيين ونظرائهم من الدول الأخرى، إضافة إلى اجتماعات مقررة مع مؤسسات دولية ذات صلة بالشأن السوداني.
وتوقعت المصادر أن تحظى مشاركة السودان هذا العام باهتمام خاص، في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، لا سيما بعد اللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بمسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكى في الخامس عشر من أغسطس الجاري، والذي اعتُبر مؤشراً على انفتاح سياسي محتمل بين الجانبين.
وتبدأ فعاليات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع من سبتمبر، فيما تُعقد الاجتماعات رفيعة المستوى خلال الفترة من الثالث والعشرين وحتى السابع والعشرين من الشهر ذاته، على أن تُختتم أعمال الدورة في التاسع والعشرين من سبتمبر.
ويُشار إلى أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان كان قد شارك في الدورة السابقة للجمعية العامة، التي شهدت حضوراً واسعاً من قادة الدول والحكومات، حيث أجرى خلالها سلسلة من اللقاءات الجانبية شملت الأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى رؤساء كل من تركيا وإيران، في إطار تعزيز التواصل الدبلوماسي وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
سفير السودان بجوبا يؤكد ارتباط اقتصاد السودان بجمهورية جنوب السودان وأن “أي خلل يؤثر على كلا الاقتصادين ويهدد الاستقرار الإقليمي”
وحذر سفير السودان لدى جنوب السودان، من أن تصاعد هجمات قوات الدعم السريع على حقول النفط يهدد البنية التحتية الحيوية، وقد يزعزع استقرار كل من السودان وجنوب السودان.
ويعتمد جنوب السودان، وهو بلد غير ساحلي، على السودان لتصدير نفطه عبر ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، مقابل رسوم عبور، وقد استؤنفت الصادرات مؤخراً بعد توقف دام قرابة عام بسبب أضرار لحقت بخطوط الأنابيب نتيجة القتال.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قتالًا للسيطرة على البلاد منذ أبريل 2023.
وقال السفير عصام الدين محمد حسن كرار في مؤتمر صحفي بجوبا الأربعاء، إن قوات الدعم السريع استهدفت مؤخراً إحدى مناطق إنتاج النفط قرب الحدود مع جنوب السودان، مما أسفر عن مقتل مدني واحد على الأقل، وأثار مخاوف من احتمال حدوث اضطرابات في صادرات النفط.
وأضاف بحسب راديو تمازج: “أدى هجوم أمس على منطقة هجليج الغنية بالنفط إلى مقتل مواطن، يعلم الجميع أن هذه المنطقة هي مركز حركة حقوق النفط وخطوط الأنابيب”.
وأكد أن صادرات النفط الخام من جنوب السودان، والتي تُنقل عبر السودان إلى الأسواق العالمية، تُمثل شريان حياة اقتصاديًا حيويًا لكلا البلدين.
وقال كرار: “إن الجوانب الاقتصادية للسودان ترتبط ارتباطًا وثيقاً بجمهورية جنوب السودان، لا سيما فيما يتعلق بتدفقات النفط والغاز إلى ميناء التصدير”.
وأضاف: “أي خلل يؤثر على كلا الاقتصادين ويهدد الاستقرار الإقليمي”.
اتهامات
واتهم السفير السوداني الإمارات العربية المتحدة بتمويل وتدريب مرتزقة للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع.
وزعم أن شركة إماراتية مقرها دبي تعمل مع شركة كولومبية لتجنيد جنود كولومبيين سابقين، وبحسب ما ورد، يتم تدريب المقاتلين في دبي قبل إرسالهم إلى السودان للانضمام إلى قوات الدعم السريع.
وقال كرار: “إنهم يدعمون تطوير الأسلحة والطائرات، ويدعمون المتمردين الذين يهاجمون البنية التحتية الحيوية ويدمرون البلاد، وهذا لا يمكن أن يحدث بدون أسلحة ودعم مالي”.
وقدّم كرار تفاصيل محددة، وإن لم يتم التحقق منها بشكل مستقل، حول العملية المزعومة، وادّعى أن المجندين يتقاضون رواتب تتراوح بين 2000 و3500 دولار أمريكي، ويحصلون على 10000 دولار أمريكي عند انتهاء عقودهم.
كما أشار إلى مخطط مزعوم مماثل في عام 2020، حيث ورد أنه تم تجنيد شباب سودانيين كحراس أمن في الإمارات العربية المتحدة قبل إرسالهم للقتال في ليبيا.
وقال: “هذا لا يُشكّل تهديداً للأمن والاستقرار في السودان فحسب، بل للقارة الأفريقية بأكملها”.
وسعى كرار إلى تصوير الحكومة السودانية التي يقودها الجيش على أنها تكتسب شرعية دولية وتحقق تقدماً اقتصاديًا.
واستشهد بخطط، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي الزعيم الفعلي للسودان، لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك باعتبارها “دليلًا كبيراً على الاعتراف بالحكومة السودانية”.
كما أشار إلى استئناف تدفق النفط من جنوب السودان عبر خطوط الأنابيب السودانية، واصفًا ذلك بأنه تطور اقتصادي بالغ الأهمية لكلا البلدين.
إنعاش الاقتصاد
على الصعيد المحلي، حدّد إجراءاتٍ لإنعاش الاقتصاد، بما في ذلك خطة زراعية استراتيجية وميزانية مركزية جديدة لصادرات الذهب تهدف إلى الحد من التهريب وزيادة الإيرادات العامة.
وأكّد كرار أن الجيش استعاد السيطرة على أكثر من 85% من أراضي البلاد، مما أدى إلى تحسّن الوضع الأمني والعودة الطوعية للنازحين واللاجئين.
وقال: “الآن، تشهد العاصمة الخرطوم حركةً واسعةً للغاية، والأنشطة التجارية والاجتماعية تُسهم في الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها”.
وتقول المنظمات الإنسانية إن السودان لا يزال يُعاني من أسوأ أزمات النزوح والجوع في العالم.
قال كرار إن المساعدات الإنسانية تُسلّم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة التي يقودها الجيش، لكنه اتهم قوات الدعم السريع باعتراض المساعدات المتجهة إلى دارفور.
وأضاف أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أدان تصرفات قوات الدعم السريع، وأن مجلس الأمن الدولي أصدر، لأول مرة، بيانًا يدعو فيه المجموعة إلى رفع حصارها عن مدينة الفاشر.
كما رحب كرار بالرفض الدولي لبيان صادر عن جماعات سياسية يدعم تشكيل حكومة موازية بقيادة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتى.
وأسفر الصراع في السودان عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 15 مليونًا، وفقاً للأمم المتحدة ومسؤولين سودانيين، وقدّرت دراسة منفصلة أجرتها جامعات أمريكية أن عدد القتلى قد يصل إلى 130 ألفًا.
شبكة طبية: 24 قتيل و55 مصاب بقصف الدعم السريع للفاشر
على الصعيد الميانى، أعلنت شبكة أطباء السودان- طبية مستقلة، عن مقتل 24 شخصاً وإصابة 55 آخرين بينهم 5 نساء جراء قصف مدفعي وصفته بـ”المتعمد” لقوات الدعم السريع والذي استهدف منطقة السوق المركزي وحي أولاد الريف بمدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور الأربعاء.
وتفرض قوات الدعم السريع حصاراً خانقاً على الفاشر لأكثر من عام، في محاولة لاقتحام المدينة التي يتحصن فيها الجيش السوداني والقوات المساندة له كآخر معقل له بدارفور، وسط فشل الجهود الدولية في التوصل إلى هدنة إنسانية تسمح بدخول المساعدات إلى المدينة التي تُعد مركز العمليات الإغاثية للإقليم.
وأدانت شبكة أطباء السودان في بيان صحفي اليوم الخميس، بأشد العبارات، ما وصفته بـ”المجزرة” التي ارتكبتها الدعم السريع نتيجة للقصف المدفعي المتعمد على مدينة الفاشر.
وأكدت أن هذه الجريمة البشعة تضاف إلى سلسلة من جرائم الحرب والإبادة التي تستهدف المدنيين العزّل في الفاشر منذ أكثر من عام، في ظل حصار مطبق ونقص حاد في الغذاء والدواء والخدمات الأساسية.
وأضافت الشبكة أن استهداف الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين يعد انتهاكًا صارخًا لكل القوانين الدولية والإنسانية، ويكشف عن الانتهاكات الواسعة التي تمارسها الدعم السريع بحق المواطنين الذين تمسكوا بمنازلهم وأرضهم.
وحملت شبكة أطباء السودان المجتمع الدولي ومجلس الأمن والاتحاد الأفريقي المسؤولية الكاملة عن صمته وعجزه عن مواجهة هذه الجرائم.
وطالبت بالتحرك الفوري لوقف القصف ورفع الحصار عن الفاشر وممارسة المزيد من الضغوط على قيادات الدعم السريع لوقف الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج ضد المدنيين العزل بالفاشر.
وترفض قوات الدعم السريع ومسانديها اتهامات شبكة أطباء السودان وأجسام أخرى لها بارتكاب جرائم في دارفور، وترى أنها مسيسة وفيها استهداف ممنهج للنيل منها.
وحذّرت (اليونيسف)، من كارثة إنسانية غير مسبوقة في مدينة الفاشر التي قالت إنها تخضع لحصار خانق منذ أكثر من 500 يوم، مؤكدةً أنّ الأطفال هناك يواجهون الجوع والمرض والعنف في ظروف مدمرة تُزهق الأرواح يومياً.