السودانشئون عربية

الأرصاد السودانية توضح أسباب كارثة ترسين فى جبل مرة

كتبت/د.هيام الإبس

أكدت الهيئة العامة للأرصاد الجوية في السودان، في بيان رسمي، أن كارثة الانزلاقات الأرضية التي شهدتها قرية ترسين بجبل مرة لم تكن حدثاً عشوائيًا، بل نتجت عن تراكم عوامل مناخية وجيولوجية على مدى عقود والتي راح ضحيتها نحو ألف مواطن.

من خلال تحليل بيانات الأقمار الصناعية على مدار 42 عامًا، وجدت الهيئة أن المنطقة تعرضت خلال الموسم الأخير لهطول أمطار تجاوزت بأكثر من 50% أقوى العواصف المسجلة في تاريخها الحديث، مما أدى إلى تشبع شديد للتربة، وأشارت كذلك إلى أن تركيزاً دقيقاً وحادً لأشد الأمطار حدث عن عمد فوق منطقة جبل مرة، ما فاق قدرة التربة الصخرية والطينية على تصريف المياه.

العوامل المناخية والتربة المشبعة

أمطار قياسية: بلغت كميات الأمطار في منطقة جبل مرة 1,200 ملم خلال شهر، مقارنةً بمتوسط تاريخي لا يتجاوز 800 ملم، أي بزيادة أكثر من 50% مقارنة بأقوى عواصف سُجلت خلال أربعة عقود.

تشبع التربة: أدى الهطول المكثف فوق تضاريس جبل مرة المنحدرة إلى إشباع المسام الصخرية وفقدان قدرة طبقات التربة الطينية على امتصاص وتصريف المياه.

التركيز المكاني: ركّزت السحب الرعدية نشاطها فوق منطقة ترسين لفترات ممتدة، ما أعاق انحسار المياه وأسرّها فوق المنحدرات.

قال الدكتور محمد أحمد شريف، رئيس قسم البحوث بالهيئة العامة للأرصاد، إن “البيانات التاريخية توضح أن هذه العواصف كانت فرصة واحدة من بين مئات الفرص، لكنها جاءت أعلى من كل ما سبق؛ وهذا التراكم هو الذي دفع بالتربة للصمود وقتاً ثم الانهيار فجأة.”

الخلفية الجيولوجية وتاريخ الانزلاقات

تقع قرية ترسين في الجزء الغربي من جبل مرة، وهو هضبة بركانية يبلغ ارتفاعها حوالي 3,000 متر فوق سطح البحر، ما يجعلها عرضة للانزلاقات عند:

-التربة البركانية الهشة الممزوجة بالرماد والصخور المبعثرة

-التعرية الشديدة بسبب الانحدارات الحادة وشبكة الأودية

-غياب الغطاء النباتي الكثيف الذي يحد من تماسك التربة ويخفف من قوة جريان المياه

سجلت المنطقة في عام 1983 أولى الانزلاقات الكبرى عقب موسم أمطار شديد، وفي 2005 شهدت مجدداً انزلاقتين صغيرتين، لكن النمط الحالي مختلف في شدته واستمراريته، حسب بيانات الأرصاد.

ودعت الهيئة العامة للأرصاد إلى ضرورة:

-توسيع شبكات محطات الرصد المناخي في جبل مرة وربطها بمنظومة تنبيه مبكر

-تنفيذ مشاريع تصريف وحصاد مياه الأمطار عبر بناء سدود صغيرة وخزانات أرضية

-إعادة التشجير وزراعة غطاء نباتي مقاوم للتعرية على طول المنحدرات

-تثقيف السكان المحليين حول التنقل الآمن في مواسم الأمطار القصوى

من جانبها، قالت المهندسة عائشة عثمان من وحدة إدارة مخاطر الكوارث في وزارة البيئة إن“الاستعداد لمواسم الأمطار يجب أن يتجاوز التنبؤ إلى البنية التحتية المقاومة؛ وإلا فإن أي زيادة مستقبلية في هطول الأمطار بفعل تغير المناخ قد تتسبب بحوادث أكثر كارثية.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى