من قلب الألم يولد الأمل: رسالة عزاء تحولت إلى درس في الصبر والإيمان

في لحظات الفقد، حين يضيق الصدر وتغرق الروح في الحزن، قد تأتي كلمة صادقة من قلب مجروح لتضيء طريقًا مظلمًا. هذه القصة ليست مجرد رسالة عزاء، بل شهادة حية على قدرة الإنسان على النهوض من تحت الركام، وعلى أن الإيمان والصبر يمكن أن يكونا أعظم دواء للجراح. إليكم قصة واقعية مؤثرة، كتبتها إحدى صديقات زوجة شيخ فقد شريكة حياته، لتواسيه بقصة فقدها هي لعائلتها كاملة في حادث مأساوي.
الفقد الذي لا يُنسى
في ليلة مباركة من ليالي رمضان، كانت عائلة مكونة من ثمانية أفراد في طريقها لأداء عمرة العمر. الأب، الأم، الأبناء، كلهم في سيارة واحدة، يقرأون القرآن بخشوع، وكأنهم يودّعون الدنيا. لكن القدر كان ينتظرهم في أعلى العقبة، حيث انحرفت السيارة وسقطت في الوادي، لتبدأ مأساة لا تُنسى.
لحظات الموت والحياة
وسط الظلام والدماء، وبين أنين الجراح، كانت الناجية الوحيدة تزحف بين الصخور تبحث عن أهلها. وجدت أخواتها وقد فارقن الحياة رافعات السبابة، وجدت أمها ملفوفة بعباءتها كالكفن، وجدت أباها ينزف ويودعها بكلمات تقطع القلب. ثم دخلت في غيبوبة استمرت خمسة أشهر، لتستيقظ على واقع لا يُحتمل.
رحلة العلاج والاختبار الأصعب
بعد الحادث، انتقلت للعلاج في كندا، حيث قضت سنتين بين العمليات والكسور. لكن الألم الحقيقي لم يكن في الجسد، بل في الروح، حين علمت أنها فقدت قدرتها على الإنجاب بسبب النزيف. كان عليها أن تختار بين حياتها أو حلم الأمومة، فاختارت الحياة، لكنها لم تنس الحلم.
العودة للحياة من جديد
رغم كل ما حدث، عادت للعمل، وانتقلت للرياض، وبدأت تتعايش مع واقعها الجديد. لم تنس أخواتها، ولا زفافهن الذي لم يتم، ولا فساتينهن التي تحتفظ بها حتى اليوم. لكنها آمنت أن ما أخذه الله لحكمة، وما أبقاه لرحمة، وأن الصبر مفتاح الفرج.
همسة لكل موجوع
ثلاث دعوات لا تنسوها في سجودكم:
• اللهم إني أسألك حسن الخاتمة
• اللهم ارزقني توبة نصوحًا قبل الموت
• اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
الخلاصة :
في خضم الألم، يولد الإيمان، ومن بين ركام الفقد، تنبت بذور الصبر. هذه القصة ليست مجرد سرد لمأساة، بل هي شهادة على قدرة الإنسان على النهوض، والتشبث بالحياة رغم الجراح. إن ما حدث لم يكن نهاية، بل بداية جديدة، مليئة بالرضا والتسليم والثقة بالله. فكل من تأخر حلمه، أو انكسر قلبه، أو ضاقت به الدنيا، فليتذكر أن الله لا ينسى عباده، وأن ما أخذه لحكمة، وما أبقاه لرحمة. لا تيأس، فالغد يحمل لك ما لم تتخيله، فقط أحسن الظن، وامضِ في طريقك بثبات، فالصابرون هم الذين يكتبون أعظم القصص.
مختارة من صفحة (حكم وخواطر أحمد الشقيري وقلبي اطمئن ) على الفيسبوك