إبادة موثّقة بالأختام

ثلاثة وعشرون شهرًا كاملة اجتمعت فيها اللجان الأممية، تناقش وتفكّر، تُنشئ لجان فرعية وتكتب محاضر مطوّلة، تملأ الملفات بالطوابع الزرقاء والحمراء… كل ذلك من أجل أن تصل إلى اكتشاف عظيم: أن غزة تموت جوعًا!
يا للسخرية… طفل كان يحتضر في خيمة لم ينتظر البيان، وأم كانت تُرضع طفلها ماءً لم تنتظر التقرير، وآلاف الجثامين لم تحتاج إلى ختم الأمم المتحدة لتثبت موتها.
العالم يجتمع ليعلن ما يعرفه طفل يتيم في غزة: أن المجاعة ليست احتمالًا، بل واقعًا يلتهم الأجساد. يجتمعون في قاعات فاخرة، يتناقشون حول “المصطلحات الأدق” و”التقديرات الأحدث”، بينما الأمعاء هنا تصرخ جوعًا، والأرواح هناك تصعد صامتة.
وماذا بعد الإعلان؟ سيعلّقون الجوع على جدار المؤتمرات، سيضيفون كلمة “إبادة” إلى قاموسهم، وسيتناوبون على المنابر لإلقاء خطب رنانة. أما غزة… فما زالت في متاهة الموت.
يا ليت الجوع كان ينتظر اجتماعاتهم، ويا ليت الموت كان يصغي لمواعيدهم. لكن غزة تموت أسرع من بيروقراطيتهم، وتبقى الحقيقة مُرّة: العالم قرر أن يسجّل في المحضر أن غزة تُباد، ثم ذهب ليستريح.
مختارة من حساب الدكتور “محمد البرش” على منصة x