رئيس نيجيريا الأسبق .. بوكو حرام “وحش” يهدد استقرار المنطقة

كتبت : د.هيام الإبس
أعلن رئيس نيجيريا الأسبق أولوسيجون أوباسانجو، إنَّ الوقت حان لأن تتبنى نيجيريا “مقاربة شاملة” لمواجهة معضلة بوكو حرام، منتقداً المقاربات السابقة للحكومات المتعاقبة، خلال قرابة 15 عاماً من الحرب على الإرهاب.
التهديد الرئسى للاستقرار .. التحالف بين الإرهاب والجريمة
أوباسانجو (88 عاماً) الذى حكم نيجيريا فى الفترة من 1999 إلى 2007، رفض بشدة الفصل ما بين “بوكو حرام واللصوصية المسلحة”، وقال إن التحالف ما بين الإرهاب والجريمة يمثل «تهديداً رئيسياً لاستقرار البلاد».
وكان الرئيس الأسبق يتحدث في ندوة لمناقشة كتاب “ندوب: رحلة نيجيريا ومعضلة بوكو حرام” الذى ألّفه رئيس أركان الدفاع المتقاعد اللواء لوكى إيرابور، الذى يحكى فيه تجربته فى محاربة الإرهاب، وكتب أوباسانجو مقدمة الكتاب الذى أثار النقاش فى أوساط النخبة السياسية والعسكرية.
أكبر وأخطر تهديد
وقال أوباسانجو إن تمرد بوكو حرام المستمر منذ أكثر من 15 عاماً، استطاع أن يصمد أمام أربعة أنظمة تعاقبت على الحكم فى نيجيريا، وهو اليوم “يشكل أكبر وأخطر تهديد لمستقبل البلاد”، وأضاف أن “التحديات الأمنية السابقة فى نيجيريا، بما فى ذلك حركات التمرد ما قبل الاستقلال، وأحداث شغب التيف، والحرب الأهلية التى استمرت 30 شهراً؛ جميعها لم تستمر كما استمر تمرد (بوكو حرام)؛ ما يعنى أن هذا التمرد يشكل واحداً من أطول الأزمات الأمنية التي عرفتها نيجيرياى.
وأوضح الرئيس الأسبق أنه “فى عام 2011، وبعد الهجوم الإرهابى الذى استهدف مقر الأمم المتحدة في أبوجا (عاصمة نيجيريا)، ذهبت لأعرف من هم هؤلاء الناس وماذا يريدون، فوجدت أنهم لم يكونوا يهدفون حقاً إلى أى شيء سياسى أو دينى، باختصار، كانوا يبحثون عن حياة أفضل”.
وتساءل أوباسانجو: “هل فهمنا ذلك؟ هل اتخذنا الخطوات الصحيحة؟ هل ينبغى أن نقبل هذا الخطر كجزء من حياتنا؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذى يجب أن نفعله؟ إلى أى مدى كنا استباقيين فى التعامل مع هذا الوحش داخل بلدنا؟”.
وتحظى تصريحات أوباسانجو بأهمية كبيرة فى نيجيريا، وهو ضابط سابق ورجل دولة، ترك بصمة عميقة فى تاريخ نيجيريا؛ كونه الشخص الوحيد الذى قاد البلاد مرتين بصفة رئيس دولة: مرة كحاكم عسكرى وأخرى كرئيس منتخب مدنى.
بدأ أوباسانجو مسيرته كضابط فى الجيش النيجيرى عام 1958، وتلقى تدريبه فى المملكة المتحدة والهند.
لعب دوراً حاسماً فى تاريخ البلاد العسكرى؛ إذ قاد الفرقة التى قبلت استسلام جمهورية بيافرا الانفصالية فى نهاية الحرب الأهلية النيجيرية عام 1970.
صعد أوباسانجو إلى سدة الحكم لأول مرة بعد محاولة انقلاب فاشلة عام 1976 أسفرت عن مقتل الرئيس مورتالا محمد.
وشغل منصب رئيس الدولة العسكرى من 1976 إلى 1979. ونظم فترة انتقال سلمى للسلطة إلى رئيس مدنى منتخب هو شيخو شاجارى، ليصبح أول قائد نيجيرى يتنازل عن السلطة طواعية.
السجن بتهمة التآمر
فى التسعينيات، سُجن أوباسانجو بتهمة التآمر فى عهد الديكتاتور العسكرى سانى أباتشا، وأُطلق سراحه بعد وفاة أباتشا فى عام 1998، عاد بعد ذلك إلى الحياة السياسية المدنية، وانتُخب رئيساً للبلاد.
أوباسانجو.. شخصية مؤثرة
بعد تركه الرئاسة، ظل أوباسانجو شخصية مؤثرة فى الساحة الدولية؛ إذ عمل مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى لحل النزاعات الإقليمية، بما فى ذلك أزمة الكونغو والقرن الأفريقى، وله دراية واهتمام بالصراعات المسلحة فى القارة.
بوكو حرام واللصوصية المسلحة
وفى سياق حديثه عن الأمن فى نيجيريا، حذّر أوباسانجو من التعامل مع “بوكو حرام” و”اللصوصية المسلحة” كقضيتين منفصلتين، مشدداً على أنهما أصبحتا متداخلتين، وذلك فى إشارة إلى عمليات الخطف والسرقة التى تمارسها عصابات مسلحة فى مناطق واسعة من نيجيريا، منخرطة ضمن شبكات الجريمة المنظمة.
وقال أوباسانجو: أولئك الذين يتحدثون عن (بوكو حرام) لا يعرفون حتى متى ينتهى التنظيم الإرهابى، وتبدأ اللصوصية المسلحة، فهما ممتزجان معاً، علينا أن نبدأ فى اتخاذ خطوات بشأن ذلك، وعلينا أن نفعل ذلك بشكل جماعى.
قرار شجاع
وفى سياق حديثه عن كتاب رئيس أركان الدفاع المتقاعد اللواء لوكى إيرابور، قال الرئيس الأسبق إن الكتابة عن تجربة ميدانية لمواجهة الإرهاب “قرار شجاع”، مؤكداً أن الكتاب “سيثرى الحوار الوطنى الجارى حول السلم والأمن”.
وشدد فى السياق ذاته على أن “نيجيريا يجب ألا تخشى مواجهة ماضيها لفهم ما يعرقل حاضرها ويشكل مستقبلها”، وأوضح أن مسيرة أى دولة، دوماً فيها الجيد والسيئ والقبيح، المهم هو أن نواجه تحدياتنا بصدق، وننظر إلى ماضينا وحاضرنا، وعندما يحين وقت تقديم الحلول يجب أن نذهب أبعد من المألوف”.
عواقب وخيمة..مهمة فى غاية الصعوبة
وحذر الرئيس النيجيرى الأسبق من عدم معالجة نمو السكان في نيجيريا، معتبراً أنه “قد يؤدى إلى عواقب وخيمة”، وقال: “بحلول عام 2050، لا أتمنى أن أكون موجوداً، سيكون أمامنا تحدى إطعام 400 مليون نيجيرى وتوفير العمل لهم وإشباع احتياجاتهم، وهى مهمة فى غاية الصعوبة”.
وخلص إلى التأكيد: «د”إذا فشلنا فى الاستعداد لذلك، فإن (بوكو حرام) ستكون مجرد لعب أطفال. علينا أن نهتم بهذا الأمر من الآن”.
تحديات كبيرة
يبلغ تعداد سكان نيجيريا أكثر من 235 مليون نسمة، فى صدارة دول القارة الأفريقية من حيث تعداد السكان، وتملك أقوى اقتصاد فى غرب أفريقيا، يعتمد على النفط والغاز بشكل كبير، لكنها تواجه تحديات كبيرة، من أبرزها تمرد “بوكو حرام”، وارتفاع مستوى الجريمة، وانتشار الفساد.