أمنستى” و”هيومن ووتش”: إدانة الجنائية لـ”كوشيب” نقطة تحول فى مسار العدالة الدولية

كتبت : د.هيام الإبس
أعلنت منظمتا العفو الدولية (أمنستى) وهيومن رايتس ووتش إن إدانة المحكمة الجنائية الدولية زعيم مليشيا الجنجويد السابق علىِ محمد علىِ عبد الرحمن، المعروف بـ”على كوشيب”، نقطة تحول فى مسار العدالة الدولية.
وأشارتا – فى بيانين منفصلين- إلى أن الإدانة رسالة تحذير واضحة للمتورطين فى الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين بالسودان، خاصة مع استمرار النزاع الدامى فى البلاد.
وأدانت المحكمة الجنائية الدولية، فى حكم تاريخى صدر أمس كوشيب بـ27 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت خلال الهجمات “الوحشية” على قرى فى غرب دارفور بين عامى 2003 و2004 شملت القتل والاغتصاب والتهجير القسرى والاضطهاد العرقى.
ويُعد هذا الحكم الأول من نوعه فى قضايا السودان منذ إحالة ملف دارفور إلى المحكمة الدولية عام 2005.
وقالت منظمة العفو الدولية إن “هذا الحكم الذى طال انتظاره يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة لضحايا الجرائم فى دارفور ويجب أن يكون جرس إنذار لمن يواصلون ارتكاب انتهاكات فى ظل الصراع المستمر بالسودان”.
وطالبت المنظمة مجلس الأمن الدولى بتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل جميع أنحاء السودان، وليس دارفور وحدها، حتى يتسنى مساءلة كل من تورط هناك فى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
العدالة تحقق
من جهتها، شددت هيومن رايتس ووتش على أن الحكم يوفر للمجتمعات المحلية التى أرهبتها مليشيا الجنجويد أول فرصة لرؤية العدالة تتحقق.
وأكدت أن النزاع الحالى فى السودان يخلق أجيالاً جديدة من الضحايا ويزيد معاناة من تعرضوا للانتهاكات فى الماضى.
ودعت المنظمة إلى دعم جهود المحكمة الجنائية الدولية وتعزيز المسارات القضائية الوطنية والدولية لملاحقة الجناة، بما فى ذلك توسيع ولاية المحكمة ونقل القضايا إلى محاكم دولية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.
ورغم إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق مسؤولين كبار، منهم الرئيس السودانيدى السابق عمر البشير، ووزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة أحمد هارون، فإن هؤلاء لا يزالون بعيدين عن يد العدالة.
وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات السودانية بتسليم المطلوبين فوراً، بينما شددت العفو الدولية على ضرورة دعم الدول الأعضاء لجهود المحكمة وعدم الرضوخ للضغوط الدولية أو العقوبات المفروضة عليها.
ويأتى هذا الحكم وسط تصاعد النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والذى تسبب فى سقوط آلاف الضحايا ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص، بحسب الأمم المتحدة، وسط انتهاكات واسعة فى مناطق مختلفة من البلاد.
وشددت المنظمتان أن إدانة كوشيب تذكير بأهمية العدالة الدولية، وأنه لا مفر من المحاسبة مهما طال الزمن.
ودعتا المجتمع الدولى والدول الأعضاء فى المحكمة الجنائية الدولية لإبداء الدعم الكامل للمحكمة، وتكثيف التعاون وتوفير التمويل وضمان توقيف الجناة، حتى لا يُضطر ضحايا السودان إلى انتظار عقود أخرى من أجل الإنصاف.
تحالف صمود يدين قصف دارفور والفاشر والأبيض ويدعو لوقف إطلاق النار والتحقيق الدولى
أدان التحالف المدنى الديمقراطى لقوى الثورة “صمود” القصف المتبادل بين طرفى الحرب الجيش السودانى وقوات الدعم السريع فى السودان واستهداف المدنيين فى دارفور والفاشر والأبيض، مطالباً بوقف فورى لإطلاق النار وبتحقيق دولى مستقل فى الانتهاكات المزعومة وفق بيان نُشر على منصات مستقلة .
بيان “صمود” ومطالبه
ندد “صمود” بما وصفه “القصف الوحشى المتبادل” وأثره الواسع على المدنيين، داعياً إلى وقف فورى لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية يقودها المدنيون تحدد قضاياها وأطرافها.
حث البيان المنظمات الإنسانية والحقوقية على التدخل العاجل لإنقاذ الضحايا، ولا سيما فى الفاشر التى تعانى حصاراً خانقاً واشتداد القتال وتعثر الإغاثة.
دارفور: بلبل تمبسكو وسوق الزرق
أفادت تقارير إعلامية بسقوط أكثر من 83 قتيلاً وعشرات الجرحى فى ضربات نُسبت لطائرات مسيّرة استهدفت تجمعاً اجتماعياً قرب بلبل تمبسكو وسوق الزرق، وسط إدانات لمخالفة القانون الدولى الإنسانى.
أدان حزب الأمة القومى ما سماه “جرائم حرب مكتملة الأركان” فى بلبل تمبسكو وسوق الزرق، مطالباً بوقف استهداف المدنيين ومحاسبة المسؤولين.
الفاشر: قصف متكرر وحصار
وثقت مقتل 8 مدنيين فى هجوم بطائرة مسيّرة على حى الدرجة الأولى غرب الفاشر مطلع أكتوبر، ما يعكس نمطاً متكرراً من استهداف الأحياء السكنية .
أكدت أن المدينة تعيش حصاراً ممتداً ومعارك تعرقل الإغاثة وتضاعف المعاناة الإنسانية.
وأعلنت تنسيقيات محلية عبر راديو دبنجا إن القصف “عشوائى” ويصيب المنازل والأسواق ومراكز إيواء النازحين، فى مشهد إنسانى بالغ القسوة.
الأبيض وكوستى: امتداد للعنف
وذكرت مصادر إعلامية مقتل 7 مدنيين على الأقل، بينهم أطفال، فى قصف مدفعى نُسب إلى قوات الدعم السريع على الأجزاء الشمالية من مدينة الأبيض.
كما أشارت تقارير إعلامية إلى هجمات بمسيّرات على الأبيض وكوستى، مع تسجيل أضرار فى منشآت مدنية وبنية تحتية حيوية.
القانون الدولى والعدالة
من جانبها، حذّرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من استمرار قتل المدنيين فى الفاشر ومعسكر أبو شوك، داعيةً لاحترام قواعد النزاع المسلح وحماية المدنيين.
تتقاطع دعوات “صمود” مع مطالب حقوقية لتحقيقات دولية مستقلة ومساءلة تُنهى دوامة الإفلات من العقاب وتؤسس لمسار سلام مستدام.
اقتباسات دالة
فى السياق، أعلنت تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر: “الفاشر أصبحت اليوم مشرحة مفتوحة جراء القصف المتتالى بالمدفعية الثقيلة”، فى وصف يُجمل حجم الدمار الإنسانى.
وجاء فى بيان “صمود”: “نداء السلام الذى أطلقه تحالف صمود، هو المخرج”، للدفع نحو اتفاق شامل ينهى الحرب بعملية سياسية يقودها المدنيون.
ويشير تصاعد القصف بالمسيرات والمدفعية إلى خطر تمدد العنف داخل مراكز مدنية وأسواق مكتظة، ما يُحتم وقفاً إنسانياً فورياً للنار وفتح ممرات الإغاثة.
وتظل الحاجة قائمة لآلية تحقيق دولية مستقلة ومساءلة تُعيد الاعتبار للضحايا وتُضعف الإفلات من العقاب، تمهيداً لمسار سياسى يُعلى كرامة المدنيين.