اتفاق وقف الحرب في غزة هزيمة استراتيجية لإسرائيل

كتب – رئيس التحرير
في أعقاب إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، برعاية أمريكية ووساطة دولية، تصاعد الجدل داخل الأوساط الإسرائيلية حول ما إذا كان الاتفاق يمثل انتصارًا دبلوماسيًا أم هزيمة استراتيجية. ورغم الاحتفاء الرسمي بعودة الرهائن، فإن مؤشرات عديدة تؤكد أن إسرائيل خرجت من الحرب مثقلة بالخسائر، دون تحقيق أهدافها المعلنة، ما يضع الاتفاق في خانة الهزيمة الاستراتيجية.
خسائر بشرية ومادية دون نتائج حاسمة
على مدار عامين من العمليات العسكرية المكثفة، تكبدت إسرائيل خسائر بشرية فادحة،حيث اعترف المتحدث باسم الجيش باصابة 20 الف جندي خلال الحرب في غزة إلى جانب تدمير واسع في البنية التحتية في الجنوب، وتراجع في ثقة الجمهور بقدرة الجيش على حسم المعركة. ورغم التفوق العسكري، فشلت إسرائيل في القضاء على قيادة حماس أو تفكيك بنيتها التنظيمية، وهو ما كان أحد الأهداف المعلنة للحرب.
تراجع الردع الإسرائيلي
الاتفاق الذي تضمن وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية من مناطق التوغل، أعاد لحماس زمام المبادرة في غزة، وأظهر أن الحركة لا تزال قادرة على فرض شروطها، رغم الحصار والضربات. هذا التراجع في الردع الإسرائيلي أثار قلقًا واسعًا في الأوساط الأمنية، التي تخشى من انتقال التهديد إلى جبهات أخرى مثل لبنان أو الضفة الغربية.
انقسام داخلي حاد
الشارع الإسرائيلي يعيش حالة من الانقسام الحاد؛ فبينما رحبت عائلات الرهائن بالاتفاق، عبّر كثيرون عن غضبهم من “التنازلات” التي قدمتها الحكومة، معتبرين أن وقف الحرب دون تحقيق الأهداف هو خضوع لإرادة حماس. الأحزاب اليمينية اتهمت الحكومة بالتراجع، فيما وصفت المعارضة الاتفاق بأنه “خروج مذل من حرب عبثية”.
الإعلام الإسرائيلي: من الاحتفاء إلى النقد
الصحف الإسرائيلية الكبرى مثل “هآرتس” و”يديعوت أحرونوت” انتقلت من تغطية مشاهد عودة الرهائن إلى طرح تساؤلات حول جدوى الحرب. مقالات الرأي وصفت الاتفاق بأنه “هزيمة استراتيجية”، مشيرة إلى أن إسرائيل لم تحقق أي مكسب سياسي أو أمني دائم، بل زادت من تعقيد المشهد الإقليمي.
نتنياهو في مرمى الانتقادات
رغم محاولة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تصوير الاتفاق كإنجاز دبلوماسي، إلا أن شعبيته تراجعت في استطلاعات الرأي، وسط اتهامات له بإدارة الحرب لأغراض سياسية داخلية، دون رؤية استراتيجية واضحة. خصومه يرون أن الاتفاق كشف ضعف القيادة السياسية والعسكرية في التعامل مع التحديات الأمنية.
خلاصة: هزيمة استراتيجية
في المحصلة، يبدو أن اتفاق وقف الحرب في غزة، رغم ما حمله من مكاسب إنسانية، يُعد هزيمة استراتيجية لإسرائيل. فالحرب التي بدأت بشعارات الحسم انتهت بتنازلات، والردع الذي كان يُفترض أن يُعزز، تآكل أمام صمود المقاومة. وبين الاحتفاء الرسمي والنقد الشعبي، تتكشف ملامح أزمة داخلية عميقة في إسرائيل، عنوانها: فقدان البوصلة الاستراتيجية.
اعتراف الإسرائيليين بالهزيمة
ووفق توصيف مراقبين، فقد خرجت حماس من الحرب أقوى سياسيا، بعدما نجحت في الصمود رغم الحصار والتدمير، ورسخت نفسها كقوة تمثل الشعب الفلسطيني والمقاومة.
وبحسب الجزيرة نت ، أجمع المراقبون على أن تل أبيب خسرت المعركة الدولية، إذ واجهت تحولا في الرأي العام العالمي، مع تصاعد الانتقادات الأوروبية وتنامي التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين لمستويات غير مسبوقة منذ حرب النكبة عام 1948.
وكتب الباحث في تاريخ الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب إيال زيسر أن “ما لم تستطع السلطة الفلسطينية تحقيقه في 20 عاما، نجحت فيه حماس خلال عامين من الحرب”، وأن الحديث عن حل الدولتين عاد بقوة إلى الأجندة الأميركية والدولية.
ويرى زيسر في مقال بصحيفة “يسرائيل هيوم” أن هذه التطورات تحد من قدرة إسرائيل على فرض تسوية أحادية الجانب أو استئناف الحرب، لأن أي تصعيد جديد سينظر إليه على أنه نسف لمسار سياسي محتمل نحو إقامة دولة فلسطينية. وأوضح أن خطة ترامب تمثل خارطة طريق جديدة نحو هدف لم يُعلن صراحة، لكنه حاضر بين سطورها، وهو إقامة دولة فلسطينية.