شئون عربيةالسودان

تصعيد الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع في شمال كردفان

✍️ كتبت – د. هيام الإبس

تشهد مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، واحدة من أعنف جولات الحرب الأهلية السودانية المستمرة منذ أبريل 2023. فالمعارك بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تحولت إلى صراع مفتوح يهدد استقرار السودان بأكمله. موقع الأبيض الاستراتيجي على الطريق الرابط بين الخرطوم ودارفور وجنوب السودان جعلها ساحة رئيسية للقتال، حيث تتواصل الهجمات الجوية والاشتباكات البرية منذ يونيو 2025، وسط أزمة إنسانية متفاقمة ونزوح جماعي للمدنيين.

التطورات الأخيرة في الأبيض

أكدت مصادر ميدانية أن الدفاعات الجوية للجيش السوداني تمكنت من إسقاط طائرة مسيرة حاولت استهداف مواقع داخل المدينة. الفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي أظهرت لحظة سقوط الطائرة وسط تصاعد الدخان، ما يعكس خطورة المعارك الجوية التي باتت جزءاً أساسياً من الصراع. هذه التطورات تبرز مدى اعتماد قوات الدعم السريع على الهجمات المسيرة في محاولة لاختراق دفاعات الجيش.

السيطرة الميدانية والمعارك الأرضية

شهدت منطقة كازقيل جنوب الأبيض معارك ضارية انتهت بسيطرة الجيش السوداني عليها، فيما فشلت محاولات الدعم السريع في استعادتها. كما اندلعت مواجهات في بابنوسة والرهد، حيث تمكن الجيش من صد هجمات متكررة، مع تعزيز دفاعاته في مواقع استراتيجية مثل “أم دم حاج أحمد”. هذه المعارك تؤكد أن السيطرة الميدانية ما زالت متغيرة، وأن الصراع يتوسع ليشمل مدناً عدة في كردفان ودارفور.

الوضع الإنساني المتدهور

تواصل الحرب ضغطها الهائل على المدنيين، مع نزوح آلاف الأسر وتفاقم الاحتياجات الأساسية من الغذاء والدواء والمأوى. البنية التحتية والخدمات الطبية في الأبيض والمناطق المحيطة عاجزة عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المتضررين، ما ينذر بكارثة إنسانية واسعة النطاق إذا لم يتم التوصل إلى هدنة عاجلة.

دعوات حمدوك لوقف الحرب

في كلمة مصورة، حذر رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك من انهيار الدولة وتحول السودان إلى بؤرة للجماعات المسلحة، داعياً إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار. وأكد أن استمرار الحرب يهدد بقاء السودان نفسه، مشيراً إلى جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية وثقتها منظمات حقوقية، مثل القتل الجماعي واستخدام الغذاء كسلاح. حمدوك شدد على أن الحوار هو الحل الوحيد، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل عبر مبادرة الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، الإمارات) لضمان وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.

الموقف الدولي والدعوة البريطانية للهدنة

دعت بريطانيا طرفي النزاع إلى هدنة إنسانية عاجلة لمدة ثلاثة أشهر، بهدف الحد من المجاعة وفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات. وزير التنمية البريطاني وصف الوضع في السودان بأنه “وصل إلى مستويات مروعة”، مؤكداً أن ملايين المدنيين محاصرون في مناطق القتال أو نازحون بلا غذاء أو مياه. هذه الدعوة جاءت متزامنة مع تحذيرات الأمم المتحدة التي وصفت السودان بأنه يشهد “أسوأ أزمة نزوح في العالم”، مع أكثر من 10 ملايين نازح داخلياً، إضافة إلى ملايين آخرين بحاجة ماسة إلى الغذاء والرعاية الصحية.

تحذيرات أممية من كارثة إنسانية

الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية حذرت من اقتراب السودان من مجاعة واسعة النطاق إذا لم يتم وقف العمليات القتالية والسماح بدخول المساعدات. المجتمع الدولي شدد على ضرورة حماية المدنيين وضمان وصول الإغاثة دون عوائق، محذراً من أن استمرار الحرب سيحول السودان إلى بؤرة خصبة للجماعات الإرهابية ويهدد الأمن الإقليمي والدولي.

خاتمة

تصعيد الاشتباكات في شمال كردفان يعكس خطورة المرحلة التي يمر بها السودان، حيث تتداخل المعارك العسكرية مع أزمة إنسانية غير مسبوقة. وبين دعوات حمدوك للسلام والتحذيرات الأممية من المجاعة، يبقى وقف الحرب المدخل الوحيد لإنقاذ السودان وإعادة بناء الدولة على أسس الحرية والسلام والعدالة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى