البرهان يرفض الهدنة الأمريكية : “أسوأ وثيقة حتى الآن” وسط تصاعد الحرب
لا لفرض شخصيات ولا مبادرة دون انسحاب الدعم السريع

كتبت – د.هيام الإبس
يشهد السودان منذ أكثر من 30 شهراً، حرباً مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ووسط جهود الوساطة الدولية لوقف النزاع، رفض رئيس المجلس السيادي الانتقالي، الفريق عبد الفتاح البرهان، مقترح هدنة قدمته مجموعة دولية تقودها الولايات المتحدة، واصفاً إياه بأنه “أسوأ وثيقة حتى الآن”.
وفي تسجيل فيديو صدر عن الجيش مساء الأحد، قال البرهان إن المقترح غير مقبول، واتهم الوسطاء بالانحياز، مشيراً إلى أن الوثيقة “تلغي القوات المسلحة، وتفكك الأجهزة الأمنية، وتحافظ على وجود الميليشيات في مواقعها”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
وأضاف: “إذا استمرت الوساطة في هذا الاتجاه، فسنعتبرها وساطة منحازة”
أكد رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، رفضه القاطع لأي تدخل خارجي يسعى لفرض شخصيات سياسية “مرفوضة شعبياً” على البلاد، مشدداً على أن أي مبادرة سلام لا تُشارك الحكومة السودانية في صياغة نتائجها “تُعتبر غير ملزمة”.
وخص البرهان بالذكر شخصيتين، قائلاً إنه “لا أحد يستطيع أن يفرض علينا حمدوك أو حميدتى”، في إشارة إلى رئيس الوزراء المدني السابق عبد الله حمدوك، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتى).
شروط البرهان على مبادرة “الرباعية”
أمام مبادرة “الرباعية” الدولية (التي اقترحت وقف إطلاق النار وخريطة طريق للانتقال السياسي)، وضع البرهان شروطاً صارمة، مؤكداً رفضه لأي أجندة خارجية لا تتفق مع مصالح الشعب السوداني.
البرهان أكد أن الجيش لن يوافق على أي هدنة إلا بعد انسحاب كامل لقوات الدعم السريع من المناطق المدنية لتمكين النازحين من العودة إلى منازلهم، قبل الشروع في أي مفاوضات سياسية. وقال: “لسنا محبين للحرب، ولا نرفض السلام، لكن لا أحد يمكنه تهديدنا أو فرض شروط علينا”.
الشروط العسكرية الأساسية
شدد البرهان على أن خارطة طريق القوات المسلحة لحل الأزمة تتطلب:
انسحاب قوات الدعم السريع من مدن رئيسية دخلتها بعد اتفاقية جدة، مثل زالنجي، والجنينة، والفاشر، ونيالا.
تجميع قوات الدعم السريع في مواقع محددة، لتسهيل عودة المدنيين وبدء حوار سوداني داخلي.
ونقلت مصادر دبلوماسية أن البرهان يرى أن أي محاولة لإعادة تسويق حميدتى من قبل دول خارجية تخدم أجندات لا تتوافق مع مصالح السودان أو احترام “تضحيات الشعب”.
البعد الإقليمي وموقف المراقبين
عبّر البرهان عن تقديره لجهود ولي العهد السعودي ضمن المبادرة الرباعية، معتبراً إياها “فرصة لتجنيب البلاد التمزق”، مؤكداً أن أمن البحر الأحمر يمثل قضية إقليمية مهمة.
غير أن محللين يشيرون إلى أن مواقف البرهان قد تكون “مناورة” سياسية، فهو يقبل الرباعية كمظلة، لكنه يرفض أي صيغة سلام تفرض قيادات مدنية أو شخصيات معينة دون تحقيق انسحاب عسكري مسبق لقوات الدعم السريع وتسليم أسلحتها.
جهود الوساطة الدولية
تعمل مجموعة الوساطة المعروفة باسم “الرباعية” منذ أكثر من عامين لإنهاء القتال وإعادة مسار الانتقال الديمقراطي الذي تعثر بعد الانقلاب العسكري عام 2021. تضم المجموعة الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
وقال مستشار الشؤون الأفريقية الأمريكي، مسعد بولس، إن المقترح الأخير يتضمن هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تتبعها عملية سياسية تستمر تسعة أشهر.
وأكدت قوات الدعم السريع موافقتها على الهدنة، بعد الغضب الدولي من الانتهاكات التي ارتكبتها في مدينة الفاشر بغرب دارفور.
خلفية النزاع
اندلع القتال في أبريل 2023 نتيجة صراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص وفق الأمم المتحدة، مع توقعات منظمات الإغاثة بأن الرقم الحقيقي قد يكون أكبر بكثير.
وأدت الحرب إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، وتشريد الملايين
و نزح على إثرها أكثر من 14 مليون شخص، وانتشرت الأمراض، ودخلت أجزاء من البلاد في مجاعة.



