ملتقى أديبات الإمارات في دورته العاشرة بمسرح المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج
نظمه المكتب الثقافي بمجلس الشارقة للأسرة والمجتمع

حليمة الملا
بعد سلسلة من الجلسات الاستباقية والفعاليات الثقافية والأدبية هنا وهناك في المناشط المختلفة بإمارة الشارقة جاء انعقاد ملتقى أديبات الإمارات في دورته العاشرة تتويجا ضمن هذه السلسلة ، نظمه المكتب الثقافي بمجلس الشارقة للأسرة والمجتمع ، بمشاركة كوكبة من الأديبات الإماراتيات المبدعات في مختلف صنوف الأدب القصة الرواية الشعر النقد الأدبي .. و أقيمت الفعاليات في مسرح المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة ، وحضرته سعادة الدكتورة شيخة عيسى العري عضو سابق في المجلس الوطني ، وصالحة عبيد غابش رئيسة المكتب الثقافي بمجلس الشارقة للأسرة والمجتمع ، والدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج ، وكذلك عدد من المسؤولات في القطاعات المختلفة بالدولة والمهتمات بالشأن الثقافي والأدبي .
بعد مقدمة ترحيبية من الإعلامية عائشة عثمان والتعريف بالملتقى وأهدافه ، تلتها كلمة الإفتتاح ألقتها الأديبة نجيبة الرفاعي مؤكدة على أهمية انعقاد ملتقى الأديبات السنوي للمكتب الثقافي كونه يهدف إلى ترسيخ حضور المرأة الإماراتية في ساحة الأدب والثقافة ، ومنحها مساحة رحبة للتعبير وتبادل الخبرات ، كما يحرص على إبراز المواهب الإماراتية الشابة ، مما يفتح نوافذ جديدة للحوار العميق بين مختلف الأجيال ، لنطلع سويا على الرحلة الإنسانية التي تقف خلف كل نص وقصيدة ورؤية نقدية .
ثم تطرقت الدكتورة نجيبة الرفاعي إلى بدايات الحركة الأدبية في الإمارات وركزت على مرحلة دور إسهامات المرأة المحوري في تشكيل ملامح المشهد الثقافي ، سواء عبر الشعر الذي حمل نبض المجتمع وقضاياه أو الرواية ، التي روت حكايات الأرض والإنسان والتحولات ، أو النقد الذي فتح مسارات جديدة للقراءة والفهم ، وأضافت : واليوم يأتي هذا الملتقى ليجمع هذه الأصوات كلها تحت سقف واحد لتبادل التجارب ، وبناء جسور فكرية بين الرائدات والجيل الجديد من الكاتبات .
الأنساق الثقافية المضمرة
في جلسة بعنوان ( الأنساق الثقافية المضمرة في الرواية النسائية الإمارتية ) للدكتورة عزيزة الطائي تناولت فيها عدة محاور مهمة مسترشدة بدراسة نقدية واهتمام ينطلق من استظهار ماتكتبه المرأة عن علاقة ذاتها بالمكونات الثقافية المحيطة بها من أجل الوقوف على طبيعة الحياة التي عايشتها المرأة الكاتبة في ظلال المجتمع ، ماحدث به من تحولات اجتماعية واقتصادية بها ، وسياسية أثرت المتن الرائي بقضايا لها من الخصوصية المجتمعية ، والمرجعيات الثقافية بتجليات لها الأثر البالغ في المجتمع روائيا ، علاوة على الرؤى التي تتخذ الكثير من التجليات من حيث المعنى والمبنى ..
وقالت الرواية النسائية في الإمارات لها هويتها الخاصة بها ، فهي فضاء لمساءلة الأنساق الثقافية أكثر من كونها مجرد سرد لقصص النساء ، فهي تناولت قضايا تكشف عن ماحدث من تحولات للمجتمع الإمارتي من :
-صراع التقليد
-جدلية الهوية ،
-مقاومة الهيمنة الذكورية
-إعادة بناء الصوت الأنثوي في السرد الإمارتي .
وذكرت الدكتورة الطائي : أن كثير من الكاتبات يوظّفن التراث الشعبي ، للحكايات ، والموروث النسائي ( الأزياء ، العادات ، الطبخ ..) كآلية لاستعادة الذاكرة الجماعية ، كما في ” دائرة التوابل ” لصالحة عبيد ، وحقول الزعفران ” لمهرة بنت أحمد ” ، رغبة في الهوية الثقافية ومساءلة القيم المتوارثة .
وكذلك السرد النسائي في الإمارات غالبا مايركز على رحلة الوعي الذاتي ، والتحرر من التبعية ، كما في رواية ” لا تقتلني مرتين ” للأديبة أسماء الزرعوني ، و ” يوميات روز ” لريم الكمالي .
الرؤية والتشكيل
في جلسة بعنوان القصة القصيرة الإماراتية ( التشكيل والرؤية ) قدمتها الدكتورة زينب الياسي أفادت أن القصة القصيرة الإماراتية تعد الإبنة البارة للحكاية الشفاهية حيث السرد الحكائي المعبر عن الحياة والإنسان الذي عاش على هذه الأرض ، وأخذت مسارها ناحية الألفية الثالثة برؤية وتشكيل فيه من التحول شيئا ومن الواقعية شيئا آخر ، وقالت : فنجد الرؤية أخذت منحيين :
أولا : القضايا الواقعية والإنسان المعاصر ، وقد ظهر من خلال عدد من الكتّاب والمؤلفين من أمثال دكتور نافع الياسي الذي برزت مجاميعه القصصية بحلتها الواقعية وفي أروقة المشافي ومعاناة إنسان اليوم ، وبموازاته حاجته لمن يشاركه همومه ويسنده في محنه ، كما جاءت مجموعة غربان الساحر للأديبة فتحية النمر لتعبر عما تعانيه الأسر من اغتراب وفجوة بين أفرادها نتيجة الإنشغال بالأجهزة المحمولة وما يؤثره الأمر في تفكك العلاقات بين الأقربين .
ثانيا : الفنتازيا والغرائبية ، وبصورة تبرز التواصل البصري بالتواصل المكتوب وحين تتداخل الفنون المرئية بالفنون المكتوبة وهذا مانجده في مجموعة الأديبة لولوة المنصوري ، عندما كانت الأرض مربعة ، مما يضفي روحا تعاليقه بين البصري والفني المكتوب .
وأوضحت الدكتورة الياسي : بأن التشكيل جاء في صور اتسمت حينا بالمذكرات وكيفية التعبير عنها ، بينما اتسمت بالتراتبية والتراكمية الفنية في نصوص مختلفة .
ويعد النص القصص الإماراتي ذا حمولة ثقافية اتسمت بالتعبير عن هموم وقضايا الإنسان المعاصر حينا بينما سارت ناحية التجريب والخيال الأدبي أحايين أخرى ، وهو مما يعد توجها يرسم ملمحا للفنية التي يرموها الكاتب والأديب .
وتساءلت : وهل الفنية هي أداة للتعبير عن الذات واغفال عن حاجات المجتمع بما يمر به تأزمات وقضايا يبحث فيها عمن يكون صوته الناطق وتعبيره المنشود .
قراءات شعرية
في جلسة لعدد من الشاعرات الإماراتيات بعنوان ( قراءات شعرية ) أدارتها الشاعرة نجاة الظاهري ، وشاركت في تقديم القراءات كل من : الشاعرة سلمى الهاشمي ، والشاعرة شيخة المطيري ، والشاعرة زينب البلوشي ، تنوعت القراءات بين مختلف أنواع الشعر ، وركزت الشاعرات على القصائد الوطنية والقضايا المجتمعية ..
جواهر الشارقة
ألقت الشاعرة زينب البلوشي في هذه الأصبوحة الشعرية ثلاثة قصائد نبطية بدأتها بعنوان ( جواهر الشارقة ) وفيها مطلعها يقول :
رفيقة الخير والربان والمينا
منارة العون للسلطان وأنواره
مبروكة الخطوة تقدي خطاوينا
لا من وطت قاع تزهر باقي اقفاره
وتلتها بقصيدتين إحداها بعنوان ( عليك السلام) والأخرى
( صباح إلا ) …وفيها تقول :
صباح إلا ، صباح اللا عذر وعتاب
صباح أشيا تطيح وتكبر فعيني
ومن جانبها الشاعرة سلمى الهاشمي ألقت عدة قصايد بعناوين مختلفة ( الإمارة الشارقة ، أمهات الشعر ، مدهال ..) وفي قصيدة بعنوان ( نبع الطيب ) قالت :
.. شيخ يشع الطيب من كف يمناه
لا مدها للناس .. ود .. وتحية
.. نور بكفه .. والضيا من محياه
شمس على الأقطار تشرق سخية
ونبش منها قلوب شفقا أتحراه
( كلما تجلى بطلة له بهيه
وبدورها الشاعرة شيخة المطيري ألقت قصائد بالعناوين التالية : ( بائع الشاي ، الشاعر ، ماذا تقول القصيدة للشعراء .. وفي هذه القصيدة مطلعها
أظمأ ؟ ومن عيني ينبت مائي
والنخل إيقاعي ورجع غنائي
تتكرر الخنساء بين جوانحي
فأصبر محض تكرر الخنساء
وفي قصيدة مواعيد القمح قالت :
عانقت ظل خطاهم كم وقفت على
مد السماء أريق الليل والسهر ا
وقاب دمعي عين لا صحيح بها
ولست أدرك من أضوائها بصرا
و أعربت الشاعرة شيخة المطيري عن سعادتها بالمشاركة في ملتقى أديبات الإمارات وقالت : مشاركتنا في هذا الملتقى هي التي تصنع لنا لحظات إنسانية أدبية خاصة ، فنحن حين نلتقي تلتقي أصواتنا وتجاربنا ، عبر المشاركات الإبداعية والنقدية ، وعبر الحوارات التي تزهر في أروقة الملتقى ، ومن خلال هذا التلاقي نعرف أين وصلت التجربة الأدبية في الإمارات ، وكيف استطاعت الكاتبة الإماراتية أن تقدم مايليق بمجتمعها ووطنها ، وحين نتحدث عن أديبات الإمارات فنحن نتحدث عن تاريخ أدبي ممتد منذ نشأة الفكرة إلى فن التنفيذ ، بإدارة وفية للأدب .



