صحيفة أمريكية: رحيل جماعي للاسرائيليين يهدد مستقبل الكيان الإسرائيلي

الصحيفة : أكثر من 80 ألف إسرائيلي غادروا في عام 2024
كتب – محمد السيد راشد
أثارت صحيفة واشنطن بوست جدلاً واسعاً بعد تقريرها الأخير الذي تناول موجة النزوح الجماعي من إسرائيل، معتبرة أن هذه الظاهرة قد تحمل تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة على مستقبل الدولة العبرية. فبينما يواصل آلاف الإسرائيليين حزم أمتعتهم بحثاً عن حياة أكثر استقراراً في أوروبا وأمريكا، تتصاعد المخاوف من تأثير هذا النزوح على البنية الاقتصادية والسياسية لإسرائيل.
قصص شخصية تعكس الأزمة
الصحفي الإسرائيلي أفراهام بينينفيلد عبّر عن خيبة أمله من سياسات الحكومة، مؤكداً أنه لم يعد قادراً على تحمل العيش في ظل التهديدات المستمرة من الصواريخ والهجمات الإرهابية والحروب الإقليمية. وأوضح أنه كان مستعداً للبقاء لو شعر أن الحكومة تقود البلاد في الاتجاه الصحيح، لكنه قرر الرحيل إلى سويسرا لينضم إلى عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين غادروا بالفعل.
أرقام النزوح وتوجهات المهاجرين
بحسب واشنطن بوست، غادر أكثر من 80 ألف إسرائيلي في عام 2024، ومن المتوقع أن تتكرر الأعداد نفسها خلال العام الحالي. وتشير الدراسات الاجتماعية إلى أن معظم المهاجرين الجدد من أصحاب التعليم العالي والدخل المرتفع، وغالبيتهم علمانيون ذوو ميول يسارية، يعملون في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا المتقدمة والطب والبحث العلمي.
التداعيات الاقتصادية
يحذر خبراء الاقتصاد من أن هذه الهجرة تمثل “نزيفاً للعقول”، خاصة أن العاملين في قطاع التكنولوجيا يشكلون 11% فقط من القوة العاملة لكنهم يساهمون بثلث الضرائب في إسرائيل. فقدان هذه الفئة قد يؤدي إلى تراجع كبير في الإيرادات الضريبية ويضعف القدرة التنافسية للاقتصاد الإسرائيلي على المدى الطويل.
التداعيات السياسية والاجتماعية
سياسياً، ترى الصحيفة أن مغادرة أصحاب التوجهات اليسارية قد تؤثر على نتائج الانتخابات المتقاربة، إذ إن معظم المغتربين لا يملكون الحق في التصويت من الخارج. اجتماعياً، يواجه المهاجرون وصمة مجتمعية، حيث يُطلق على القادمين إلى إسرائيل لقب “عوليم” (الصاعدين)، بينما يُسمى المغادرون “يورديم” (الهابطين)، ما يعكس نظرة سلبية تجاه من يقرر الرحيل.
أوروبا وجهة مفضلة
تشير الأرقام إلى أن نحو 200 ألف إسرائيلي يعيشون حالياً في أوروبا، مستفيدين من جوازات سفر ثانية حصلوا عليها عبر برامج الجنسية في دول مثل ألمانيا وبولندا وإسبانيا والبرتغال. وفي مدن مثل برلين ولشبونة، نشأت مجتمعات إسرائيلية نشطة تتبادل الخبرات والمعلومات حول العقارات والوظائف عبر منصات التواصل الاجتماعي.
مستقبل الكيان
ظاهرة النزوح الجماعي من إسرائيل لم تعد مجرد خيار فردي، بل تحولت إلى قضية تحمل في طياتها أبعاداً اقتصادية وسياسية واجتماعية قد تعيد تشكيل مستقبل الدولة. وبينما يبحث الإسرائيليون عن الأمان والاستقرار في الخارج، يبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة إسرائيل على مواجهة هذه التحديات والحفاظ على توازنها الداخلي.




