التعليم في غزة: حكايات إنسانية من قلب الركام

كتبت – عزة السيد
في غزة، حيث تحوّلت المدارس إلى مراكز إيواء والصفوف إلى خيم، يصرّ الأطفال على العودة إلى مقاعد الدراسة ولو كانت بلا مقاعد أو كتب. مشاهد الطفلة ليان حجي وهي تمشي يومياً فوق الركام نحو مدرستها الجديدة، تختصر قصة جيل بأكمله يواجه الحرب بالعلم، ويقاوم التجهيل بالأمل.
وبحسب المركز الفلسطيني للإعلام ، هذه ليست مجرد عودة إلى التعليم، بل هي معركة إنسانية من أجل المستقبل.
ليان… الطفلة التي تحلم بالطب
ليان ذات الأحد عشر عاماً، ترتدي قميصاً مهترئاً وبنطالاً مرقعاً، لكنها تحمل في قلبها حلماً كبيراً بأن تصبح طبيبة. تقول وهي تسير نصف ساعة يومياً من خيمتها في تل الهوى إلى مدرستها: “أمشي في شوارع مدمّرة… ركام وحجارة، عذاب كبير وحزن. ليست لدينا كتب ولا دفاتر، لكنني سعيدة بأنني أعود للتعلّم”. كلماتها البسيطة تكشف عن قوة الإرادة التي تتحدى كل الظروف.
التعليم عبر اللعب… علاج نفسي قبل أن يكون دروساً
مديرة مدرسة “اللولوة القطامي”، إيمان الحناوي، تدرك أن الأطفال لا يحتاجون فقط إلى كتب ودفاتر، بل إلى مساحة نفسية آمنة. لذلك اعتمدت المدرسة أسلوب التعليم عبر اللعب، حيث تتحول الرياضيات إلى منافسة راقصة، واللغة العربية إلى مسرحيات هزلية يؤديها الأطفال. الهدف ليس فقط التعليم، بل تخفيف التوتر وإعادة البسمة إلى وجوه فقدت الكثير.
سعيد… بين طابور الخبز وصفوف الدراسة
سعيد شلدان، ابن السادسة عشرة، يروي يومه المليء بالتحديات: تعبئة المياه، الوقوف في طابور الخبز، ثم الذهاب إلى المدرسة بلا حقيبة أو أقلام. يقول: “نزحنا عشرات المرات، لم يعد لدينا بيت. لكنني سعيد بوقف الحرب وعودتي إلى المدرسة”. رغم كل الصعوبات، يصرّ سعيد على أن التعليم هو طريقه الوحيد نحو المستقبل.
مبادرات تعيد الأمل
وكالة “أونروا” أعلنت عن عودة تدريجية للمدارس، فيما أطلقت مؤسسة “التعليم فوق الجميع” القطرية مشروع “إعادة الأمل لغزة”، لتوفير مستلزمات تعليمية ودعم نفسي لأكثر من 100 ألف تلميذ. هذه المبادرات، رغم تواضعها أمام حجم الدمار، تمثل شريان حياة لجيل يواجه خطر التجهيل.
الرياضة… وسيلة مقاومة
في مدرسة “الحساينة” بمخيم النصيرات، تجتمع الفتيات صباحاً لممارسة الرياضة والهتاف “عاشت فلسطين”. في غرف بلا مقاعد ولا طاولات، يبتسم الأطفال كلما أمسكوا بورقة أو كتبوا على السبورة، وكأن التعليم أصبح رمزاً للمقاومة اليومية.
خاتمة
رغم أن 97% من مدارس غزة تضررت، ورغم استشهاد آلاف الطلاب، يصرّ الأطفال على مواصلة التعليم. كلمات سعيد تختصر المشهد: “سأواصل الكفاح لأنجح رغم كل الصعوبات. التعليم بوابة المستقبل”. إنها ليست مجرد عودة إلى الدراسة، بل إعلان عن إرادة حياة في وجه الموت.




