السودان

نزوح جماعي: كرتالا كردفان تتحول لساحة صراع بين الجيش السودانى والحركة الشعبية والدعم السريع

كتبت – د.هيام الإبس

شهدت منطقة كرتالا بمحلية هبيلا في ولاية جنوب كردفان، خلال الأسبوع الأخير (24–30 نوفمبر 2025)، موجة نزوح جماعي ضخمة، وصفها مراقبون بأنها الأكبر منذ أشهر، نتيجة تصاعد المواجهات المسلحة بين القوات المسلحة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، وسط مشاركة ميلشيات الدعم السريع في القتال.

3 آلاف نازح في ظروف إنسانية قاسية

وتقدر مصادر محلية ومنظمات إنسانية عدد الفارين بأكثر من 3,000 شخص، معظمهم من قبائل النوبة، يعانون من نقص في الغذاء والمأوى، ويتجهون إلى مناطق أكثر استقرارا مثل الدلنج أو المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة الشعبية شمال.

ويشهد السودان تصعيداً مفتوحاً خاصة مع تزايد النشاط العسكري في إقليم كردفان، وقد استهدف الجيش السوداني منطقة العباسية في ولاية جنوب كردفان، حيث تتمركز قوات الحركة الشعبية -جناح عبد العزيز الحلو- الحليفة للدعم السريع، وأثار الهجوم حالة من الهلع بين المدنيين، لا سيما أن المنطقة لم تشهد قتالًا طوال السنوات الماضية، على الرغم من معارضة الحلو لحكومة الرئيس السابق عمر البشير، فإن تحالفه الأخير مع الدعم السريع جعله هدفاً مباشرًا للجيش.

وتتواصل الهجمات منذ أيام، بالتزامن مع تصعيد مماثل في ولاية غرب كردفان، وتحديداً في منطقة بابنوسة، حيث يحاول الدعم السريع السيطرة على الفرقة الثانية، التي تُعد آخر معاقل الجيش في المنطقة، إلا أن الجيش تمكّن من صد الهجوم.

وتأتي هذه التطورات في سياق الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، التي دفعت ملايين السودانيين للنزوح، بينما تواصل مناطق جبال النوبة دفع كلفة الصراع على النفوذ والموارد.

تصعيد عسكرى حاد وهجوم مضاد متعدد المحاور

اندلعت الاشتباكات المباشرة في 26 نوفمبر 2025، حين شنت القوات المسلحة هجوماً على مواقع الحركة الشعبية شمال في كرتالا، وتحولت العمليات إلى مواجهة طويلة انتهت بصد هجوم مشترك من الحركة الشعبية والدعم السريع على حامية كرتالا.

الحركة الشعبية شمال قالت إنها صدت الهجوم عبر ثلاثة محاور.

القوات المسلحة السودانية أكدت تدمير ثلاث عربات قتالية وأسر 11 مقاتلاً، مشيرة إلى فرار آخرين باتجاه هبيلا.

وتشير تقارير ميدانية إلى تحالف مؤقت بين الحركة الشعبية والدعم السريع لمهاجمة مواقع الجيش الحكومي، مع عمليات متزامنة استهدفت قرى مثل قردود ناما، أبو زايد، تبسه، وأفنوري.

وشملت الهجمات نهب ممتلكات ومحاصيل وعمليات اختطاف مئات الشباب والأطفال للتجنيد القسري ضمن قوات تعرف محلياً باسم “تأسيس”، إضافة إلى حملات تهجير واسعة.

هذه الانتهاكات تتقاطع مع ما وثقته هيومن رايتس ووتش سابقاً حول جرائم حرب في محلية هبيلا منذ ديسمبر 2023، حيث قتل عشرات المدنيين وأجبر آلاف على الفرار.

منطقة مشتعلة بثلاثة أطراف

وتقع كرتالا وهبيلا ضمن جبال النوبة، وهي منطقة تشهد صراعاً متجدداً منذ 2011 بين الحكومة المركزية والحركة الشعبية شمال. ومع اندلاع حرب 2023، أصبحت ساحة مواجهة لثلاثة أطراف القوات المسلحة السودانية، الحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال، قوات الدعم السريع.

وتتنافس هذه القوى على السيطرة على مدن محورية مثل الدلنج وكادقلى مع تحالفات وتفاهمات تتغير ديناميكيا بحسب تطورات الميدان.

الموجة الأكبر: 1,625 نازحاً في يوم واحد

كشفت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن يوم 30 نوفمبر 2025 شهد نزوحاً غير مسبوق بلغ 1,625 شخصاً في يوم واحد من قرية كرتالا، ما يجعله أكبر تدفق سكاني في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة.

ووفق مصفوفة تتبع النزوح (DTM) التابعة للمنظمة، فإن هذه الأعداد فرت بعد وصول الاشتباكات إلى أطراف القرية، ما أحدث حالة ذعر وسط السكان، ودفعهم للهرب نحو مناطق أكثر أماناً في محلية دلامي.

وتقول المنظمة إن النازحين توزعوا على قرى ومواقع عدة داخل دلامي، لكنهم يواجهون أوضاعاً إنسانية شديدة الصعوبة، يعانون فيها من نقص الغذاء، انعدام المأوى، ضعف الإمدادات الطبية

وأكدت المنظمة الدولية للهجرة أن هذه الظروف تستدعي تدخلاً إنسانياً عاجلاً لتلبية الاحتياجات الأساسية للمتضررين.

ويُعد إقليم كردفان ذا أهمية استراتيجية بالغة، كونه المعبر الأساسي نحو إقليم دارفور، أما في دارفور نفسها، فتتواصل الأوضاع الإنسانية المتدهورة، خصوصاً في مدينة الفاشر، حيث يواجه المدنيون معاناة متفاقمة نتيجة استهداف الدعم السريع للأحياء السكنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى