السودان : جدل حول اقتراح البرهان العودة إلى علم الاستقلال

كتبت د. هيام الإبس
أثار اقتراح رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بالعودة إلى علم الاستقلال الذي اعتمد عام 1956، جدلاً واسعاً في السودان. فالعلم ليس مجرد رمز بصري، بل هو تعبير عن هوية الأمة وذاكرتها الجماعية، ما جعل النقاش يتجاوز الألوان إلى عمق الأزمة السياسية والاجتماعية التي يعيشها البلد.
تفاصيل العلم المقترح
علم الاستقلال يتميز بثلاثة ألوان أفقية:
- الأزرق في الأعلى، رمزاً للنيل والسماء.
- الأصفر في الوسط، دلالة على الصحراء.
- الأخضر في الأسفل، إشارة إلى الزراعة والأرض الخصبة.
أما العلم الحالي الذي اعتمد منذ عام 1970 في عهد جعفر نميري، فيحمل ألوان القومية العربية (الأحمر، الأبيض، الأسود) مع مثلث أخضر، وهو ما يربط السودان بالهوية العربية أكثر من الرموز الطبيعية المحلية.
سياق سياسي متوتر
جاء اقتراح البرهان في خطاب ببورتسودان أمام “القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح”، حيث أكد أن العلم الجديد يمثل “رمز الاستقلال الأول” ويعكس رؤية لإعادة تأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة. هذا الطرح ارتبط مباشرة بالصراع مع قوات الدعم السريع، إذ شدد البرهان على رفض أي مبادرة سلام لا تتضمن تفكيك هذه القوات وتجريدها من السلاح.
انقسام في المواقف
- المؤيدون: يرون أن العودة إلى علم الاستقلال تمثل “استقلالاً ثانياً” من المليشيات، وأنه يعكس الهوية السودانية بعيداً عن الأيديولوجيات. انتشرت هاشتاجات مثل #علم_الاستقلال، واعتبر البعض أن الرموز الطبيعية للعلم تعيد السودان إلى جذوره.
- المعارضون: يعتبرون أن التوقيت غير مناسب، وأن النقاش حول العلم يشغل الرأي العام عن القضايا الجوهرية مثل وقف الحرب وحماية مؤسسات الدولة. بعضهم يرى أن العلم الحالي هو رمز لصمود الأجيال، وأن تغييره قد يفتح باباً لانقسامات جديدة.
قراءة أوسع للمشهد
الاقتراح تجاوز النقاش الرمزي ليصبح جزءاً من الصراع على الهوية الوطنية في ظل حرب مدمرة أودت بحياة عشرات الآلاف وشرّدت الملايين. يرى محللون أن الجيش يسعى لاستعادة رموز “الاستقلال الأول” لتعزيز شرعيته، بينما يخشى المدنيون من أن يكون التغيير غطاءً لإعادة تشكيل السلطة بشكل جذري.
ويبقى السؤال مفتوح
حتى الآن، لم تُتخذ خطوات رسمية لاعتماد العلم الجديد، لكن الجدل المستعر يجعله إحدى أبرز القضايا الوطنية الراهنة. يبقى السؤال مفتوحاً: هل يصبح “علم الاستقلال” رمزاً لوحدة السودانيين في مواجهة الحرب، أم يتحول إلى فصل جديد من الانقسام في بلد أنهكته الأزمات؟



