شئون عربيةفلسطين

خطط التهجير في الضفة المحتلة يصنع بيئة قابلة للاستيطان مقدمة جذابة

كتب – محمد السيد راشد 

تشهد الضفة الغربية المحتلة منذ سنوات موجات متصاعدة من التهجير القسري، لتتحول إلى ساحة مفتوحة أمام مشاريع الاستيطان الإسرائيلية. ورغم اتفاقيات وقف إطلاق النار، فإن الواقع على الأرض يكشف عن منظومة ممنهجة تجمع بين العنف المباشر والسياسات الرسمية، لتصنع بيئة قابلة للتوسع الاستيطاني، وتضع مستقبل الدولة الفلسطينية أمام تحديات وجودية غير مسبوقة.

التهجير القسري كأداة للتوسع الاستيطاني

منذ السابع من أكتوبر 2023، ازدادت الاعتداءات على الفلسطينيين بشكل ملحوظ، حيث وثّقت شهادات عديدة اقتلاع أشجار الزيتون، حصار المنازل، والاعتداءات المسلحة التي دفعت عائلات بأكملها إلى ترك مساكنها. هذه الممارسات ليست أحداثًا فردية، بل جزء من سياسة تهدف إلى إفراغ الأرض من سكانها الأصليين. الأرقام تكشف حجم الكارثة: نزوح نحو 1897 فلسطينيًا بين يناير 2024 وسبتمبر 2025 بسبب عنف المستوطنين، إضافة إلى آلاف آخرين نتيجة الهدم العقابي والعمليات العسكرية في جنين وطولكرم.

سياسة الهدم والعمليات العسكرية

الهدم العقابي شكّل أداة مركزية في هذه المنظومة، حيث دُمّر 214 مبنى خلال عام واحد، 40% منها بعد أكتوبر 2023، ما أدى إلى نزوح نحو ألف فلسطيني. أما العمليات العسكرية، فقد تسببت في تضرر 1460 مبنى ونزوح 32 ألفًا، ثلثهم من مخيم جنين وحده. هذه الأرقام تعكس كيف يُستخدم العنف الميداني لتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي في الضفة الغربية.

منظومة استيطانية متعددة المستويات

التوسع الاستيطاني لا يقتصر على القرارات الحكومية، بل يتشابك مع أذرع غير رسمية. الحكومة الإسرائيلية تواصل إعلان آلاف الدونمات كـ”أراضي دولة”، والمصادقة على مخططات بناء جديدة، وشرعنة البؤر العشوائية. في المقابل، تعمل مجموعات مثل “فتيان التلال” على فرض الوقائع بالعنف، بينما تتحرك منظمات استيطانية مثل “ريغافيم” و”إلعاد” في المحاكم والبلديات لتجفيف الوجود الفلسطيني عبر أدوات قانونية. هذا التداخل بين القانون والعنف يصنع بيئة استيطانية مكتملة، تُحكم الخناق على الجغرافيا الفلسطينية.

الهدف الاستراتيجي: تقويض الدولة الفلسطينية

بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، تسعى إسرائيل إلى إعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية عبر ثلاث أدوات رئيسية: مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأرض، استخدام العنف الاستيطاني لفرض الوقائع، وتطويق ذلك ببيئة تشريعية تجعل أي حل سياسي مستقبلي شبه مستحيل. ومع ذلك، يؤكد الفلسطينيون أنهم لا يستسلمون لهذه السياسات، بل يواصلون مراكمة أدوات المقاومة والنضال للحفاظ على وجودهم وحقوقهم التاريخية.

خاتمة

التهجير في الضفة الغربية ليس مجرد نتيجة للعنف، بل جزء من مشروع استيطاني ممنهج يهدف إلى إعادة تشكيل الأرض والديمغرافيا بما يخدم الرؤية الإسرائيلية. وبينما تتصاعد هذه السياسات، يبقى صمود الفلسطينيين ومقاومتهم هو العامل الأبرز في مواجهة مخطط يهدد مستقبل المنطقة بأكملها.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى