السودانشئون عربية

اشتداد المعارك على كردفان .. قوات الدعم تسيطر على منطقة كيقا الخيل والجيش السودانى ينسحب جنوبا

كتبت – د.هيام الإبس

شهدت ولاية جنوب كردفان، تحولاً ميدانياً لافتاً، حيث تمكنت قوات الدعم السريع مسنودة بقوات الحركة الشعبية (قيادة عبد العزيز الحلو) والمتحالفة ضمن ما يُعرف بـ”حكومة تأسيس”، من بسط سيطرتها الكاملة على منطقة “كيقا الخيل”، التي تبعد نحو 55 كيلومتراً شمال مدينة كادقلي، عاصمة الولاية.

وفي المقابل، أكدت المصادر الميدانية انسحاب القوات المسلحة السودانية من المنطقة باتجاه الجنوب، في خطوة تعكس احتدام المعارك واتساع رقعة المواجهات في الإقليم الذي يشهد تصعيداً عسكرياً غير مسبوق خلال الأيام القليلة الماضية.

خنق استراتيجي وعزل المدن

يأتي تمدد قوات الدعم السريع وحلفائها نحو مناطق “كيقا” المحيطة بطريق (كادقلي – الدلنج) ضمن خطة عسكرية تهدف إلى إحكام الحصار على المدن الرئيسية.

ووفقاً لمراقبين، فإن هذا التحرك يهدف بشكل مباشر إلى:

-قطع شريان الحياة: السيطرة على الطريق الحيوي الرابط بين كادقلي والدلنج.

-عزل المدن: فصل المدينتين عن بعضهما البعض لتعقيد خطوط الإمداد.

-إضعاف الجيش: تضييق الخناق على مواقع القوات المسلحة في المنطقة وفرض واقع عسكري جديد على الأرض.

خريطة السيطرة وتصاعد وتيرة العنف

يشكل هذا التصعيد مؤشراً خطيراً على الوضع الأمني في إقليم كردفان، الذي يُعد حلقة وصل استراتيجية بين وسط السودان وغربه.

وتفيد التقارير الميدانية بأن خارطة السيطرة العسكرية في الولاية تتسم بالتعقيد والتداخل:

-مناطق سيطرة الجيش السوداني: لا تزال القوات المسلحة تحتفظ بمواقعها في المدن الكبرى والاستراتيجية مثل (كادقلي، الدلنج، أبو جبيهة، كلوقي، وتلودي).

-مناطق سيطرة التحالف (الدعم السريع/الحركة الشعبية): تفرض هذه القوات سيطرتها على (كاودا، هبيلا) وعدد من المدن المجاورة، وتعرف القوات المحلية المتحالفة مع الدعم السريع باسم قوات “تأسيس”.

-الجبهة الشرقية: تشهد أعنف المواجهات بين الجيش والحركة الشعبية – شمال (قيادة الحلو) المتحالفة مع الدعم السريع.

تحذير وهجمات

وكان متحدث الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قد حذر أمس من انتشار المجاعة في إقليم كردفان، جراء تزايد العنف والخطر على المدنيين.

وأشار دوجاريك في مؤتمر صحفي إلى أن فرق الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة حذّرت من تزايد الخطر على المدنيين مع تصاعد العنف في كردفان.

ولفت إلى رصد حالات مجاعة في كادوقلي (عاصمة ولاية جنوب كردفان)، بينما أُبلغ عن هجمات متواصلة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، محذراً من خطر انتشار المجاعة إلى مناطق أخرى في كردفان.

وذكر أن العاملين في المجال الإنساني في كادوقلي والدلنج، بجنوب كردفان، يواجهون صعوبات شديدة، وقيوداً على الحركة، ومحدودية في الوصول إلى الخدمات الأساسية والحماية.

وتعاني كادوقلي والدلنج، من حصار تفرضه قوات الدعم السريع والحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، منذ الشهور الأولى للحرب، وهجمات متكررة بالمدفعية والطائرات المسيرة.

وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) منذ أسابيع اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني والدعم السريع أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.

حصار ومخاوف

يأتى ذلك بينما حذّر المدير الإقليمي لمفوضية اللاجئين في شرق وجنوب أفريقيا مامادو دِين من أن تصاعد الاشتباكات في إقليم كردفان بالسودان بعد مدينة الفاشر سيبقي المدنيين تحت الحصار.

وقال في منشور له بمنصة “إكس” إن النساء والأطفال وكبار السن، فقط، هم من يستطيعون الفرار، بينما يخشى الرجال، بمن فيهم الشباب، من التعرض للاستهداف على طول طرق الهروب.

وأضاف أن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين وشركاءها يحتاجون إلى مزيد من الموارد وإمكانية الوصول إلى المحتاجين.

وفي وقت سابق، أفادت مصادر أمنية بارتفاع عدد القتلى في مدينة كلوقي بولاية جنوب كردفان إلى 74، بينهم عشرات الأطفال، بعد أن استهدفتهم مسيرة لقوات الدعم السريع.

وحسب مصادر الجيش، فإن المسيرة استهدفت موقعاً مأهولاً بالمدنيين، مما أدى إلى وقوع عدد كبير من القتلى والجرحى.

من جانبه أكد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان مالك عقار أن الحكومة لا يمكنها أن تمضي في أي اتفاق، من شأنه أن يعيد ما سماها مليشيا قوات الدعم السريع إلى المشهد، يأتي ذلك بينما تتصاعد الاشتباكات على محاور كردفان.

وقال عقار في لقاء مع المبعوث البريطاني الخاص للسودان ريتشارد كراودر بمدينة بورتسودان، إن كل ما ارتكبته القوات من أفعال وادعاءات بالعمل من أجل بناء الديمقراطية، مجرد ذرائع، بينما المقصود هو احتلال جديد للسودان.

وجدد عقار حرص الخرطوم على تحقيق سلام يحافظ على وحدة السودان وسيادته، وفق تعبيره.

معارك “الكر والفر”

وبينما تدور اشتباكات متقطعة في محيط كادقلي والدلنج، حقق الجيش السوداني تقدماً في محاور أخرى، حيث تمكن من استعادة السيطرة على مناطق “مبسوطة” و”الجبال الستة”، ويواصل تقدمه نحو منطقة “الموريب”، التي تُعد واحداً من أكبر معاقل الحركة الشعبية في الإقليم، مما ينذر بمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى