رابعة العدوية .. إمامة العاشقين
تأملات بقلم : السفير أشرف عقل
هى رابعة بنت إسماعيل البصرية ، تكنى بأم الخير ، مولاة آل عتيك ، ولدت بالبصرة ، وعاشت ثمانين عاما ، إشتهرت بالصلاح والعبادة والنسك ، ولها فيه شعر ، خطبها الحسن البصرى ولم تجبه إلى طلبه .
كانت تصلى الليل كله ، فإذا طلع الفجر هجعت هجعة حتى يسفر . وحمل الناس عنها حكمة كثيرة ، عاصرت سفيان الثورى والحسن البصرى ، وروى عنها شعبة بن الحجاج ، وعبدة بنت أبى شوال ، كما كتب إبن الجوزى سيرتها فى جزء من مؤلفاته .
روى أن رجلا قال لرابعة : إنى قد عصيت الله أفترينه يقبلنى إن أنا أنبت إليه ؟ فقالت له : ويحك أنه يدعو المدبرين عنه ، فكيف لا يقبل المقبلين عليه ؟ .
وذكر العلماء قولها :
لك ألف معبود مطاع أمره
دون الإله وتدعى التوحيدا
وهذا المعنى نفسه ما أراد أن يقوله مالك بن دينار ، حيث يقول : لولا أنى مأمور من الله تعالى بقراءة هذه الآية ما كنت أقرؤها قط ، لأنى كاذب فيها : ” إياك نعبد وإياك نستعين ” .
ولها أبيات شعرية ، ذكرها العلماء فى مرتبة الإخلاص منها :
كلهم يعبدونك من خوف نار
ويرون النجاة حظا جزيلا
أو بأن يسكنوا الجنان فيحظوا
بقصور ويشربوا سلسبيلا
ليس لى فى الجنان والنار حظ
أنا لا ابتغى بحبى بديلا .
وهذه الأبيات هى تجسيد لما قاله سيد البلغاء والمتكلمين الإمام على بن أبى طالب ” كرم الله وجهه ” : ( ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا
فى جنتك … ) .
وعن إبن عباس رضى الله عنه قال : ( إستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين ) ، وفى ضوء ذلك ذكر العلماء قول لرابعة العدوية : ” إستغفارنا يحتاج إلى إستغفار كثير “.
وأشتهر عنها أنها كانت لا تنام الليل ، وتقول : أخاف أن أؤخذ على بيات ؟ .
وكانت تنام وهى تمشى فى الدار ، فإذا قيل لها فى ذلك ، ترد بقولها :
وكيف تنام العين وهى قريرة
ولم تدر فى أى المنازل تنزل .
وروى عنها قولها بعد أن سألها أحدهم : ( هل رقى لك إلى الله عز وجل عمل بلا رياء ؟ فقالت : لا ، ثم قالت : بلى ، علمى بتقصيرى يرقى إلى الله عز وجل بلا رياء ) .
ماتت سنة ١٣٥ هجرية ودفنت بالبصرة ، وإشتبه على البعض من أن قبرها فى جبل الطور بالقدس ، إنما ذاك لرابعة زوجة أحمد بن أبى الحوارى الكاتب من بلاد الشام .
وكنت قد سعيت لزيارة قبرها إبان تواجدى فى البصرة طوال عام ٢٠١٥ ، ولكن لم يستطع أحد أن يدلني عليه ..
رحمها الله رحمة واسعة وتغمدها بفضله .. آمين . .