إرشاد السالكين لأهمية الوعي للمسلمين
كتب:هاني حسبو.
و نحن ما زلنا نعيش أجواء شهر شعبان المبارك استوقفني جزء من حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن سبب كثرة صيامه في شعبان فقال صلى الله عليه وسلم “ذاك شهر يغفل عنه الناس بين رجب رمضان”
هذه اللفظة تبرز ملمحا عظيما يجب على المسلم أن ينتبه إليه وصفة مهمة يجب أن تتوافر في المسلم ألا هي “الوعي”.
فالمسلم مطالب أن يكون واعيا فطنا ذكيا حتى يستطيع أن يسير سيرا مأمونا في طريقه في الدنيا وإلى أن يصل بأمان في الآخرة.
والوعيَ أمرٌ زائدٌ على مُجرَّد السمع والإبصار، فما كلُّ من يُبصِرُ وعَى ما أبصر، وما كلُّ من يسمَع وعَى ما سمِع؛ لأن الله – جل وعلا – يقول: ﴿ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 12].
والوعي مرتبةٌ أعلى من مرتبَة الإحساس السمعيِّ والبصريِّ، ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «نضَّر اللهُ امرءًا سمِع مقالتي فوعاها»؛ رواه الترمذي وغيرُه
والمؤمنُ الواعِي محميٌّ – بإذن الله – عن مثلِ تلك العثَرات؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا يُلدغُ المؤمنُ من جُحرٍ واحدٍ مرتين»؛ رواه البخاري ومسلم.
ومن الأمثلة من كتاب الله على الوعي وحسن التصرف قول يعقوب ليوسف- عليهما السلام- عندما قص عليه رؤياه: “ قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا إن الشيطان للإنسان عدو مبين” حسن تصرف يعقوب عليه السلام ووعيه اي حكمته حينما حذَّر يوسف من قص رؤياه على إخوته، فيها عبرة بتوسم يعقوب عليه السلام أحوال أبنائه وارتيائه أن يكف كيد بعضهم لبعض، وفيها أيضًا الاحتراز من كل احتمال يخشى ضرره. قال ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: ( أفرس الناس ثلاثة: العزيز في يوسف، حين قال لامرأته: “أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا” وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى: “استأجره” وأبو بكر في عمر رضي الله عنه حين استخلفه.
وتتجلى أهمية “الوعي” في أنه من أعظم الأسباب في إثبات الحقِّ من مُجرَّد صورةٍ بدت ظاهرة و لكنها مزورة.
ثبت في الصحيحين أن امرأتين خرجَتا على سليمان – عليه السلام – وقد اختلفَتا في ابنٍ معهما، كلُّ واحدةٍ تدَّعي أنه ابنُها. فقال – عليه السلام -: ائتُوني بالسكِّين أشقُّه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمُك الله، هو ابنُها – أي: ابن الكبرى -. فقضَى به للصغرى.
حكمَ به لمن رفضَت شقَّه بالسكِّين، مع أنها أقرَّت أنه ابنُ الكبرى، ولكنه – عليه السلام – وعَى حقيقةَ الأمر ولم يأخذ بإقرارها الظاهِر، وهو كما قيل: “سيدُ الأدلة”؛ لأنه لو كان ابنًا للكُبرى لما رضِيَت الكُبرى بشقِّه بينهما نصفَيْن.
ورحِم الله الفاروق – رضي الله عنه -؛ حيث قال: “لستُ بخِبٍّ والخِبُّ لا يخدَعُني.
والوعي صفة مكتسبة يستطيع المرء اكتسابها بعدة وسائل منها :تقوى الله عز وجل حيث قال”ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا” أي نورا تفرقون به بين الحق والباطل.
ومنها النظر في قصص القرآن وما قصه الله علينا لنوجد هذه الصفة فينا.
والله من وراء القصد.