ذات الصعود وذات النية !! بقلم الدكتورة : منى هبره
زيارة المكان الذي أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم دون بقية الأمكنة، لم يجد صلى الله عليه وسلم في مكة الطيبة وسعتها الرحيبة إلا أن يصعد إلى جبل عالٍ مهجور لم تعتد الأقدام طرقه ، لكن روح الحبيب محمد لم تمل منه عشر سنوات .
عندما قررنا الصعود إلى غار حراء كانت الحماسة تملأ جوانحي فعلاً ، وكان حب الحبيب محمد يجتاح كياني كله، عقلي وروحي لم يُصدقا أنهما صاعدان لرؤية المكان، لوضع القدم على القدم ، للصلاه في المكان الذي كان يجلس فيه .
وبدأت رحله الصعود …!
طبعا لم أتخيل أنها شاقة إلى هذه الدرجة !!
بدأت رحلة الصعود وبدأ معها اللهاث والدهشة !!!!أهي صعبه لهذه الدرجة ، كنت أتوقف بين الحين والآخر لألتقط أنفاسي، وأمسح وجهي بقليل من الماء كما نصحوني حتى لا يزيد التعب ،
كلما ارتقيت في تسلق الجبل … كلما ازداد احساس غريب في داخلي بالنمو ….
ثلاث ساعات … نعم ثلاث ساعات قضيتها في الصعود ، حدثتني نفسي فيها أكثر من مرة بالتراجع والعودة ، إلا أن ذات الإحساس الغريب الذي كان قد بدأ يكبر داخلي هو هو ما دفعني للاستمرار .
وعندما وصلنا … تفحصت المكان، هالني صِغر الحجرة التي كان يجلسُ فيها عليه الصلاة والسلام، نظرت منها الى مكة .. ووجدت فسيح الأرض أمامي.
نبهني مرافق رحلة العمرة معنا أن المكان الآن تغطيه الأبنية ، لكن من قديم الزمن كانت الكعبة الشريفة تظهر من هذا المكان
وذُهلت !!.
ما الذي كان يدور في خلدك يا رسول الله وأنت في ظلمة الليل تراقب النجوم ، وتراقب من بعيد هذه المساحات من أرض الله .
لكن حقيقة الأمر أن هذا ليس هو الأمر الحقيقي الذي كان يشغلني فعلاً . فهو كان يُعد على أعين الله لحمل وأداء الرسالة، وربما حبَّب الله إليه هذا التأمل ليصل إلى وعي معين يناسب زمن ومكان نزول الوحي .
الذي كان يشغل بالي وجعلني ألتزم الصمت بطريقة لفتت أنظار من كانوا برفقتي هو : تصرف السيدة خديجة
لذلك عندما سُئلت: لِم أنت صامتة؟ .. أجبت : إنني أشعر تمامًا بشعور النملة، بل ربما أصغر ،
تخيلت خديجة ذات الخمسين عامًا وهي تصعد هذا الجبل بشوق لحبيبها الذي غاب عنها شهراً أو أكثر، وهي تحمل مع الشوق زاداً وطعامًا يجعل المسير والصعود أصعب : وتقول له اشتقنا لك يا ابن عم .
ماهذه المحبه ؟!.
ما أعظم هذه الزوجة ؟!.
من أي عجينة خُلقت ؟!.
أهي ذات العجينة التي خُلقنا – نحن النساء – منها، أم أانها خاصة بسيدة من سيدات أهل الجنة ؟.
فِلمٌ قصير مر بخيالي عمّا كانت تفعله السيدة خديجة، وعن الذي كان من الممكن أن تفعله أي سيدة أخرى في العالم غاب عنها زوجها مدة شهر بحجة أنه يحب التأمل والخلو بالذات في جبل بعيدٍ وعِرٍ صعب التسلق .
مجرد المقارنه كانت تشعرني بأنني أَدَقُّ من النملة، وأنني كم .. وكم يجب أن أتعلم من هذه العملاقة في روحها وحبها وعملها.
هل نحن بحاجه لبناء رجال، أم نحن بحاجه لبناء نساء يُحتَوين ويُستوعبن ليقدمن العطاء لرجال من أتباع محمد عليه الصلاه والسلام ؟!.
أم نحن بحاجه لإعاده صياغة مجتمع بأكمله على ثقافة المرأة المحبة، الصابرة، والمساندة للرجل مهما كان .
تأهيل مجتمع على صورة الرجل العامل على التقوى، والمرأة الواثقة المحبة المساندة .
لله درك يا خديجة ، كَمُلتِ من بين نساء العالمين ، وحق لك أن تكوني سيدة من سيدات أهل الجنه .
اللهم ارزقنا حسن الفهم وجميل الاتباع .
#حياة
# جمال
# وعي