أراء وقراءات

العالم العربي والانتماء الوطنى

 

كتب:محمد عبدالسلام

ما يجرى فى العالم العربى فيما يخص مسألة الانتماء الوطنى يسرى على عدد من الدول غير المتقدمة صناعيآ، أو في طور النمو، فمسألة الانتماء الوطنى تأخذ أبعادا مختلفة ولا تتعلق بدور البرجوازية الوطنية التقليدي كما كانت الحال فى الدول الدول الصناعية المتقدمة، فهناك أسباب أخرى تعيق تحقيق مسألة الانتماء الوطنى لدى كثير من المواطنين.

فى البداية يأتي غياب كيان فعلى لدولة المؤسسات واستقلاليتها والتعامل معها  ككيان موضوعى كأحد أبرز إشكاليات الانتماء، فتحقيق الانتماء للوطن يأتي من قوة كيانة وسيادة تطبيق قوة القانون فية على الجميع وتحقيق أسس المواطنة العاجلة التى تقوم على المساواة فى الحقوق والواجبات، وعدم تهميش اى فئة من الفئات، أو تمنح فئة معينة بأمتيازات دون غيرها. والاشكالية الموجودة فى كل الدول العربية تتعلق بفقدان هذا الكيان الفعلى والمساواة فى الاغلبية الساحقة”” بإستثناء دولة أو اثنتين”وقد أدى ذلك إلى أضعاف مسألة الانتماء الوطنى وبروز انتماءات فرعية أخرى.

هناك من يقوم بتكوين التشكيلات الاجتماعية السابق ذكرها ويدفع فى تقويتها، ويفتت بذلك الانتماء الوطنى ويضعف كيان الدولة ويساهم فى تفتيت المواطنة وخلق انتماءات طائفية وعرقية أخرى وتحويل الدولة والمجتمع ومؤسسات إلى كيانات متناثرة بين مختلف فئات المجتمع، والانتماءات سابقة الذكر لاتقف عند حدود الوطن، بل تتجاوزه إلى ما هو أبعد. فالانتماء العرقى والخاص بقومية معينة يتجاوز حدود الوطن إلى الوطن الأم مثلا، أو إلى خلق كيان للعرق أو القومية المنتشرة فى بلدان عدة، وينسحب الأمر على الطائفية، خصوصا الانتماء لتنظيمات حزبية ذات أبعاد اصولية سياسية يتجاوز أفرادها أوطانهم لتقديم صك الولاء لتنظيماتهم ومن يمثلها من قوى او دول.

ولغياب عملية التحديث الثقافيّة وخلق ثقافة موحدة في العالم العربي أثر كبير فى تراجع الانتماء الوطنى. فالثقافات الدارجة لا تزال فئوية تكرس الانتماءات السابقة للعرق او الأصول وغيرها، ولا وجود لثقافة بديلة لتلك الثقافات السابقة، فيجب على الدولة الحديثة ان تكون لها السلطة العليا فى المجتمع وتوحد جميع فئاته فى جميع الحقوق والواجبات، وتعكس انتماء حقيقي للوطن، كما هو الحال فى الثقافة المدنية التي وحدت الشعوب الأوربية مع عملية التحديث التى جرت بها وجعلت ثقافته التقليدية ثقافات فرعية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.