بين العدل والفضل .. بقلم : الدكتورة منى هبره
لا اشك ابدا ان الكثيرين منا يحلمون بعوده الفاروق عمر بن الخطاب بيننا ليحمل درته ، يضرب هذا ، وينبه هذا ، ويقيم العدل بين الناس .
يعيد لهذا حقه ممن ظلمه ، ويعطي ذاك نصيبه ممن اعتدى عليه ، ينصب ميزان العدل بين البشر ، فلا يبقى صاحب دمعه ، ولا صاحب آهه ، ولا مسكين ، ولا فقير ، ولا صاحب حاجه الا وقد قضيت حاجته .
ويسرح نظري بين البشر ، واعيد التأمل فيهم وفي تعاملاتهم الخشنه بين بعضهم البعض ،
اسمع الكلمه اللبقه تخرج بنبره قاسيه ، و اجد الاجساد المشدوده ، والوجوه المتنبره ، و حدة الطباع بينهم ، ولو وجدت وجها ناعما وكلمه لطيفه لتساءلت بينك وبين نفسك :من أين ظهر هذا السلوك الجميل في هذا العالم الغريب المتناقض (طبعا هذا في احسن النوايا والظنون ) او ربما قلت في نفسك لعله يضمر غير الذي يبديه على غرار ما نسمع من حكايا الناس والبشر …………. وهذا في اعلى الهرم ،
ولو نزلنا الى قاعده الهرم بين عامه الناس لاختلطت في آذاننا الكلمات النابيه ، مع الالفاظ الجارحه ، ممزوجه بالشتائم ، مع حركات الاجساد العنيفه ، والضرب ، والمشاحنات التي تغطي المشهد بكامله ، والقوه والعنف هي اللغه السائده بينهم فلا مكان لضعيف ، ولا مكان لمسكين ،انما هي القوه والمال سيدا المكان .
واعود للفاروق عمر :
تخيلت انه واقف معي يناظر ويشاهد :
نظرات الاستغراب ، العجب ، الشفقه ، الالم يعتصر وجهه ، ومن ثم غطى وجهه بكلتا يديه وقال :ماهذا يا بنتي ؟ أين انا ؟؟من هؤلاء ؟؟هل عدتم للجاهليه ؟؟.
اجبته بصوت خفيض :نعم يا سيدي ، نحن في عز الجاهليه ، انما هي جاهليه القرن الواحد والعشرين ، جاهليه الانا ومن بعدي الطوفان ، جاهليه ان اكون فوق رؤوس الجماجم واكتاف البشر كائنا من كانوا ، جاهليه الانفس ، وعباده المال لتنتج القوة والعنف الذي تشاهده الان ،
سيدي اشياء كثيره تفوقنا فيها على الجاهليه ، لم يعد الاخ أخا ، ولا الصديق صديقا ، وبعنا كثيرا من الاخلاق بثمن بخس :
الحال يا سيدي كما ترى ؟؟اهناك حل ؟؟أهناك طريقه لنعود الى ركب الحضاره ، لعلك يا امير المؤمنين تهدينا حلا او طريقه نصلح به هذا الاعوجاج ، لعل العدل يجد طريقا لنا
تأملت الفاروق وهو يعيد النظر في الناس وتساءلت :ماذا سيصنع هذا الرجل الشديد على نفسه ، والرقيق على غيره من الناس ، هذا المتواضع بين هؤلاء (البشر )الذين تزدحم بهم طرقات الحياة ، وتعج ساحاتها فيهم .
هل يستطيع هذا الرجل وحده ان يقيم العداله في مجتمع انهكه الظلم ، واكل الحقوق ، ومشاهده كل نفس لنفسها انها هي الاحق وان غيرها دائما على باطل ؟؟!!.
لن انكر ابدا ان هذا الرجل قد تفوق في مجتمع كان الحق ديدنهم ، والتقوى لباسهم ، والايمان والسلام محياهم ، والصلاه والنسك قبلتهم ، والتغافل والتسامح صبغتهم ، حتى تفوقوا على ذواتهم فكان الايثار اجمل صفاتهم .
لابد انكم جميعا توافقوني ان مجرد المقارنه بيننا وبينهم ظلم كبير ؟؟
وتساءلت اكثر :هل هذا يعني ان وجود عملاق ك عمر وحيدا بيننا قد لا يفيد .
قطع الصمت الذي سادنا سؤال من الفاروق :
كيف حال محبتكم ل بعضكم البعض ؟؟
كيف حال تعاملكم م بعضكم البعض ؟؟
هناك امل يلوح قريبا جدا بتحسن الاحوال لو كانت القلوب مجتمعه على المحبه ، والتسامح والفضل
لن يصلح العدل حالكم والقلوب ممتلئه بالاحقاد والبغض ، فما حال العدل اذا كان بين لئام قادرين على المكر والقفز بين وخلال فقرات الحياه والانسانيه .
سكتت ، ونظرت الى السماء ، راجيه رحمة رب السماء والارض :
حال القلوب ؟؟صدقت يا سيدي
لقد تألق عمر يا احبتي في زمن ضوت فيه القلوب حتى اصبحت قلوبهم مصابيح للهدى :تهدي اصحابها الى جميل القول وجميل الفعل ، ويقتدي بها من حولها من اجيال تربوا على ايديهم فقامت على ايديهم حضاره ملأت الافاق علما ، اخلاقا ، وسلوكا لم تر البشريه مثله .
ايها الساده :هل توافقون عمر بين الخطاب على قوله ؟؟
هو ذات السؤال الذي اتوجه به اليكم احبتي :
ليعتدل الاعوجاج الذي نحن فيه :هل نحن بحاجه الى
المحبه والعدل ؟؟
ام
الى المحبه و التسامح الفضل ؟؟؟
العدل الذي يقتص به كل صاحب حاجه ممن ظلمه ؟؟
ام التسامح و الفضل الذي نتسامح به بعد ان نبين حقنا عند من ظلمنا لنعيش بعد ذلك في محبه و سعة القلوب وفضل السماح والتسامح ؟؟
انا اعرف تماما اجابه عمر بن الخطاب
انما احتاج احبتي ان اسمع اجاباتكم
لعلها تكون لحظه صدق
لحظه صفاء
لحظه وعي
تعيد للحياه اشراقتها فالحياه :
#حياه
#جمال
#وعي