البابا وجاهلية الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح
بقلم / الدكتور محمد النجار
يتصور كثيرون من النظرة الى عنوان المقال أن كاتبه ليس سوى أحد المتطرفين الاسلاميين ، وذلك “حسب مايروجه الاعلام العالمي الظالم المُغرض ” ، بأن كلمة الجاهلية لايستخدمها سوى هؤلاء المتطرفين ، وهذا هو الظلم البين الذي يتم به وصم وتشويه صورة الاسلام والمسلمين .
والحقيقة أن تلك الكلمة (((جاهلية))) هي تعبير بابا الفاتيكان ووصفه به الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح ، حيث ورد ذلك نصا في وصفه الاحتفال بـ (((الجاهلية، وأنه صورة زائفة تصور حكاية خرافية مائعة، لا وجود لها في الإنجيل))).
وأشار بابا الفاتيكان أثناء صلاة التبشير الملائكي في عيد القديس ستيفانو الشهيد الأول الى المعنى الحقيقي للديانة المسيحية والذي يتمثل في “أن الخلاص الإلهي ينطوي على مكافحة الخطيئة ، وهذا هو السبيل الذي علمه السيد المسيح لتلاميذه، كما يتضح من إنجيل اليوم” حسب تعبيره .
وقد دعا البابا للمسيحيين اثناء الصلاة و الذين يعانون من التفرقة العنصرية والتمييز في الدول التي تدعي الحرية الدينية ولكنها لاتطبقها في ارض الواقع الجميع .
وفي الوقت الذي نضم صوتنا للبابا في توجيه النداء للعالم أجمع بأن يتعامل بميزان واحد مع جميع البشر بغض النظر عن ألوانهم وأديانهم وجنسياتهم ، بدلا من رسالة البابا التي طالب فيها بعدم التمييز بين المسيحيين ، بل يكون الدفاع عن كل المضطهدين بغض النظر عن ألوانهم وأديانهم .
إن جوهر الأديان السماوية انما كانت لتحرير الانسان بشكل عام دون التمييز بين البشر ، وجاء النداء الآلهي في الوحي القرآني ينادي على الانسان كإنسان دون تحديد جنسه أو لونه أو قوميته يقول الله تعالي :
- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ سورة الحجرات 13
ويقول الله تعالى :
- )) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)) [الزلزلة: 7-8
وهذه النصوص تحدد علاقة الانسان بأخيه الانسان وتؤطر العلاقة بين الناس بعضهم بعضا ، وتؤكد على أن رفعة شأن إنسان على إنسان لاتكون على أساس عرقه ولونه وقوميته وماله وقوته ، وإنما تكون بدرجة تقواه وعمله الصالح وأخلاقه الحسنه ، وتنبذ الصراع البشري الذي راح ضحيته الملايين نتيجة التمييز العرقي و المذهبي والقومي ، وهذه فعلا جاهلية البشر قديما وحديثا .
وكما ورد في احاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم نذكر منها :
- يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((وخير الناس أنفعهم للناس)) رواه الدارقطني .
- ويقول : (( خيركم من يرجى خيره، ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره، ولا يؤمن شره ) رواه أحمد والترمذي وابن حبان، وهو صحيح.
- ويقول : ((إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه) متفق عليه.
- ويقول (((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) متفق عليه
- ويقول : ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) متفق عليه.
- ويقول صلى الله عليه وسلم ((إن خيار الناس أحسنهم قضاء)) رواه مسلم
- (خير الناس ذو القلب المخموم، واللسان الصادق، قيل: يا نبي الله، قد عرفنا اللسان الصادق، فما القلب المخموم؟ قال: التقي النقي الذي لا إثم فيه، ولا بغي ولا حسد) رواه ابن ماجه والبيهقي، وهو صحيح..
هذا هو ديننا الاسلامي الذي اختتم الله به رسالاته الى البشرية ، وهو الذي ارتضاه الله لهداية البشرية وسعادتها ، فالسعيد من يقرأ ويتعلم ويعلم أن هذا الدين هو فطرة الله التي فطر الناس عليها وهو طريق الحب والخير والسعادة في الدنيا والاخرة .
د.محمد أحمد النجار