إن الله إذا أحبك ابتلاك.
كتبت / عزه السيد
الدنيا هي دارُ ابتلاءٍ وامتحان، ويسعى المؤمن – من خلال صبره على الابتلاء – لأن يَدخل برحمة الله تعالى إلى جناتِ الخلد؛ فالابتلاءُ يأتي بعدةِ أنواعٍ وأهدافٍ مختلفة، ولكنْ جميعها تصبُ في مَصلحة الإنسان، وتنبع من رحمة الله تعالى بعباده، وعلى المؤمن الحق أنْ يَصبر على البلاء حتى يفوز بجنات النعيم.
فالله تعالى يبتلي الإنسان لعدّةِ أهدافٍ مختلفة، فقد يبتلي الله تعالى عَبَده كي يقوّمه ويعيدَه إلى الطريق الصحيح؛ فإنْ كان المسلم عاصياً فقد يبتليه الله تعالى كي يهديه إلى الطريق الصحيح، ويذكره بهدفه من الوجود في الدنيا، وقد يبتلي الله تعالى المؤمن كي يُخلّصه من ذنوبه ومعاصيه، وكي يقابِله وهو طاهرٌ من جميع ذنوبه ومعاصيه.
فكلّما زاد إيمان المؤمن زادَ ابتلاؤه؛ كي يثبته الله تعالى على دينه ويمتحنه ويطهّره من ذنوبه، فأكثر الناس إيماناً على وجه الأرض هم الأنبياء وهم كانوا أشدّ الناس بلاءً وصبراً عليه، ويبتلي الله تعالى المؤمنين ليميّزَ القلوب الخبيثة عن القلوب الطيبة، كما تميزُ النارُ الذهب عن العناصر الأخرى؛ فيظهر المنافق من المؤمن ويزداد المؤمن إيماناً، بالإضافة إلى غيرها من الأهداف التي تصب جميعها في صالح المؤمنين.
و لكي تصبر على الابتلاء عليك أنْ توقنَ تماماً أنّ البلاء دائماً يَصب في صالح الإنسان؛ فالله لا يبتلي الناس كي يُعذّبهم على الإطلاق، وحاشاه تعالى أنْ يفعل ذلك، بل إنّه تعالى يبتلي الناس لِحبه لهم، وعندما تعلم أنّ الله تعالى يبتليكَ لِصالحك فإنّك بهذا سَتَكون أكثرَ صبراً على البلاء.
فمثلاً: عندما تَعلم أنّ الله تعالى يَبتليك في صالحك سَتَكون رؤيتُك مُختلفةً بشكلٍ كليٍّ عن البلاء، فالمريضُ يصبر على الألم الذي يحدث له بعد العمليةِ الجراحيةِ التي يقوم بها الطبيب؛ لمعرفتِهِ أنّ هذا الألم جُزءٌ من العلاج، وأنّه يَصبّ في صالحه؛ فسيصبر بذلك على جميع الآلام التي قد يتسبّب بها الطبيب في سبيل العلاج، ولله تعالى المثل الأعلى. إنّ الله تعالى قد يبتلي الإنسان بعدةِ أمور، وعلى رأسها الشهوات المختلفة التي بَثّها الله تعالى في قلوب الناس، وإنّ الله لم يُوجِد أي بلاءٍ ولن يبعث بأيّ نوعٍ من أنواع البلاء التي لا يمكن للشخص تحملها، فقد يَبتلي الله تعالى بعض الناس بالفقر وآخرين بالغنى، فالله تعالى يَعلم أنّه لو ابتلى الأول بالغنى والثاني بالفقر فلن يَنجو أيٌّ منهما من الابتلاء وسيكونان من المُفسدين.
فإنّ الله تعالى يَبتلي كلّ شخصٍ بما يناسبه وما يستطيع تحمله، فإنْ بَقِي المُسلم على الطريق الصحيح الذي وَضَعه الله تعالى للمسلمين في قرآنه الكريم، واتباع سنة رسوله الكريم، والتوكل على الله في كلّ وقتٍ وحين، والعمل بكلّ جهدٍ أعطاه الله تعالى له فإنّه بذلك يتمكّن من الصبر على المصائب جميعها.
فلندعو الله جميعا أن يمنحنا القوة للصبر على البلاء ،ولنكن عبادآ صابرين شاكرين.
الا تعلمو إنّ الله إذا أحب عبد إبتلاه ؟!