أراء وقراءاتالصراط المستقيم

تأملات رمضانية (11): المسحراتي ورموز المجتمع 2

بقلم: د. أمين رمضان

“هذه مجرد تأملات شخصية، ليس الهدف فرضها على أحد، أو إثبات أنها الحق، لكنها دعوة للآخرين لتحفيز آلة التأمل الشخصي عندهم، بعيون عالمهم هم لا عالم غيرهم”

مع المسحراتي من جديد، وهو يشدوا بثلاث رموز أحمد شوقي أمير الشعراء، وسيد درويش الفنان العبقري، ومصطفى كامل الرمز الوطني، وكأنه يرسم لوحة وطنية حية بنبض الوطن.

تناولنا في المقال الماضي شخصية أمير الشعراء أحمد شوقي واليوم نتناول فنان الشعب سيد درويش (1892 – 1923) مغني مصري وهو مجدد الموسيقى وباعث النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي، لقب بــ «فنان الشعب» بسبب تفاعله مع قضايا وآمال البسطاء من المصريين، ناضل بفنه وأغانيه الوطنية والثورية، وحث الجماهير على الثورة ضد الإنجليز عام 1919 (السنة التي قاد فيها مصطفي كامل الثورة ضد الإنجليز بعد حادثة دنشواي)، وكان بذلك صوتا للجماهير المحتشدة في كل ربوع مصر..

ولد سيد درويش في الإسكندرية، في حي كوم الدكة الشعبي، في 17 مارس 1892 وتوفي في 10 سبتمبر 1923. بدأ ينشد مع أصدقائه ألحان الشيخ سلامة حجازي والشيخ حسن الأزهري. التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية عام 1905 ثم عمل في الغناء في المقاهي، سافر إلى الشام في نهاية عام 1908 وعاد عام 1912 وبدأت موهبته الفنية.

سافر سيد درويش إلى القاهرة وبزغ نجمه وقتها، فقام بالتلحين لكافة الفرق المسرحية أمثال فرقة نجيب الريحاني، جورج أبيض وعلي الكسار، وكون ثنائية فنية مع بديع خيري أنتجت العديد من أفضل الأغاني التراثية الخالدة، وتوفي في عام 1923م عن عمر يناهز 31 عام، وهكذا العظماء، لا يقاسوا بعدد السنوات التي عاشوها، بل بحجم الأثر الي صنعوه، وتركه للأجيال من بعدهم.

من أشهر أغاني سيد درويش “شد الحزام” و “انا هويت” و “قوم يا مصري” و “سالمة يا سلامة”، كما أنّه هو من لحن النشيد الوطني المصري الذي يردد المصريون كلماته حتى اليوم:

بلادي بلادي بلادي                  لكِ حبي وفؤادي

مصر يا أم البلاد                     أنت غايتي والمراد

وعلى كل العباد                       كم لنيلكِ من أيادِ

بلادي بلادي بلادي                  لكِ حبي وفؤادي

مصر أنتِ أغلى دُرَّة                 فوق جبين الدهر غُرَّة

يا بلادي عيشي حُرَّة                 واسلمي رغم الأعادي

بلادي بلادي بلادي                  لكِ حبي وفؤادي

مصر يا أرض النعيم                فزت بالمجد القديم

مقصدي دفع الغريم                   وعلى الله اعتمادي

بلادي بلادي بلادي                  لكِ حبي وفؤادي

مصر أولادك كرام                   أوفياء يرعوا الزمام

نحن حرب وسلام                     وفداكِ يا بلادي

سوف تحظى بالمرام                 باتحادهم واتحادي

بلادي بلادي بلادي                  لكِ حبي وفؤادي

الفن الحقيقي ليس لهواً، ولا رقصاً، ولا عري، ولا أضواء مبهرة، ولا نجوم تصنعها الآلة الإعلامية الشرسة، بل هو الذي يغرس المعاني النبيلة، والقيم الأخلاقية في أعماق الشعب، هو الذي يحرر البلاد ويقاوم الظلم، كما قادت أغاني سيد درويش الجماهير خلف الزعيم مصطفى كامل، ليثوروا على مقتل الفلاحين في قرية دنشواي.

الفن مسئولية أخلاقية ووطنية، أعد قراءة كلمات النشيد الوطني لتعرف ما أقول.

المقالة القادمة مع رمز إنساني آخر بإذن الله.

وللتأملات بقية بإذن الله…

الأحد 2 أبريل 2023م – 11 رمضان 1444هـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.