الصراط المستقيم

عبادة … جبر الخواطر

بقلم – وليد على

حينما نطلق لفظ عبادة يتدارك الى الاذهان على الفور الصلاة او الصيام او الحج او العمره اوغيرها من سائر العبادات ولكن اليوم نتكلم عن عباده لم يوفق لها الا الصالحون والمقربون الذين وفقهم الله عزوجل اليها بفضله وجوده وكرمه .

إنها عبادة الاتقياء والاولياء والعجيب ان هذه العباده أجرها عظيم والجهد فيها قليل ولذلك كانت عبادة الموفقين الذين وفقهم الله و اراد لهم الخير فكانو من السابقين اليها .

ولكن ماهو جبرالخواطر وكيف تكون تلك العباده ؟

جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة القلب وسلامة الصدر ورجاحة العقل، يجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها ، يقول الإمام سفيان الثوري: “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم.

ومما يعطي هذا المصطلح جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى وهو “الجبار” وهذا الاسم بمعناه الرائع يُطمئنُ القلبَ ويريحُ النفس فهو سُبْحَانَهُ “الذِي يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى، والمَرَضَ بِالصِحَّةِ، والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ، والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنَانِ، فَهُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ”.

وقال السَّعدي : ”الجبار”: هو بمعنى العَلي الأعْلى، وبمعنى القهَّار، وبمعنى الرؤوف الجَابر للقلوب المُنْكسرة، وللضَّعيف العَاجز، ولمن لاذَ به؛ ولجَأ إليه.

روى مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم أخو المسلم، لا يظلِمه ولا يُسلِمُه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كُرْبةً، فرَّج اللهُ عنه بها كُرْبة من كُرَب يوم لقيامة، ومن ستر مسلماً، ستره الله يوم القيامة).

وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد ـ يعني مسجد المدينة ـ شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ـ ولو شاء أن يمضيه أمضاه ـ ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة ـ حتى يثبتها له ـ أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام.

والله بين لنا كيف يكون جبر الخواطر حينما أخرج الكفار رسول الله من مكه حزينا نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها وهى أحب البلاد اليه وهى مكة التي ولد فيها ونشأ وأُخرج منها ظلما، فاحتاج في هذا الموقف الصعب وهذا الفراق الأليم إلى شيء من المواساة والصبر، فأنزل الله تعالى له قرآن مؤكد بقسم؛ أن الذي فرض عليك القرآن وأرسلك رسولا وأمرك بتبليغ شرعه سيردك إلى موطنك مكة عزيزا منتصرا وهذا ما حصل ، قال تعالى : {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }القصص:85

وقد عاتب الله نبيه محمد-صلى الله عليه وسلم- لأنه أعرض عن ابن أم مكتوم وكان أعمى عندما جاءه سائلا مستفسرا قائلا: علمني مما علمك الله، وكان النبي –عليه الصلاة والسلام- منشغلاً بدعوة بعض صناديد قريش، فأعرض عنه، فأنزل الله: عَبَسَ وَتَوَلَّى*أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى*وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى*أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى سورة عبس .

وهكذا يعلمنا الله جل وعلا كيف يكون جبر الخواطر والامثلة فى القرأن والسنه أكثر مما تحصى والشاهد اننا جميعا نحتاج فى مثل هذه الايام عباده جبر الخواطر وان يرفق بعضنا ببعض ويرحم بعضنا بعض والله ربما تكون كلمة رقيقة ولكن ربما تأتى على القلب الكسور او على الخاطرالمكلوم فتجبر الخاطر وتطيب القلب ويكون لصاحبه الاثر والثواب والفضل العظيم .

اللهم وفقنا لهذه العبادة واجعلنا ممن يجبروب وخواطر الناس .. اللهم أمين

 

وليد على

وكيل كتاب الجمهورية

ومدير عام التحرير بجريدة وضوح الاخبارية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.