أراء وقراءات

أدب المعروف

بقلم / إيمان أبوالليل

عندما سقى سيدنا موسى للبنتين، لم ينتظر منهما شكر على معروفه لهما، ولكن قام بعمل المعروف وسرعان ما ذهب وجلس في الظل.

“فسقى لهما ثم تولى إلى الظل” سورة القصص ٢٤ 

هذا هو أدب المعروف، الذي يجب علينا تعلمه

فلكل فعل شرف، وشرف المعروف الإسراع به، ونسيانه.

سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، لم يطلب منه البنتان أن يقوم ويسقي لهما، ولكنه قام بنفسه من باب النخوة والمعروف، عندما شاهد موقف البنتين، وهما غير قادرين على مسايرة زحام الرجال.

فقام فورا ليسقي لهما، وبمجرد أن سقى لهما، عاد إلى مكان جلوسه في الظل، دون أن يلتفت إليهما.

أي أنه لم ينتظر منهما أن يقدموا له الشكر، وهذا هو أرقى أنواع المعروف

المعروف في القرآن الكريم

حتى تطبق أدب المعروف كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ـصل الله عليه وسلم ـ فعلينا أولا قراءة القرآن وتدبره والتفكر في معانيه.

وفي آية سورة البقرة  “قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ “ [البقرة: 263].

تبين أن العطاء ليس في المال فقط، بل العطاء في المغفرة والعفو أيضا، وهذا هو قمة أدب المعروف

 قول ابن القيم في أدب المعروف

القول المعروف هو إحسان وصدقة بالقول، والمغفرة إحسان بترك المؤاخذة والمقابلة، فهما نوعان من أنواع الإحسان

والصدقة المقرونة بالأذى حسنة مقرونة بما يبطلها ولا ريب أن حسنتين خير من حسنة باطلة.

“قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم” البقرة ٢٦٣

وأكدت الآية على صفات من الخلق الكريمة وهما (غني حليم)، أعلمنا أن المسلم يجب أن يتحلى بخلق الترفع عن أخذ مقابل لمعروق قدمه لغيره.

وأكد أيضا على أهمية التخلف بصفة الحلم والمغفرة والصفح الجميل.

 فائدة أدب المعروف

من فوائد أدب المعروف الصادق الخالص لله عز وجل، هو أنه سيعود عليك أنت، والله غني حليم.

وأن الله يتعهد بالمغفرة لمن كان كريما مع غيره، دون من أو أذى.

وأن الله سبحانه وتعالى يعلمنا أن الحفاظ على كرامة ومشاعر الناس، هو من الأولويات.

كما أن المسلم عليه أن يعتصم بحبل الله مع إخوانه ويعزز روابط المعروف

ومن هنا يجب أن نوجه ونربي أبناءنا على الكرم والحب والمغفرة، وأن نتحلى بأدب المعروف، كما فعل نبي الله موسى مع البنتين.

قم بفعل المعروف دون انتظار شكر أو رد للمعروف، فلا تخرج أحد ربنا لم يكن قادرا على رد الجميل أو المعروف.

كل هذا يندرج تحت خلق الإحسان، وهو أرقى مقام وصفة يمكن أن يتحلى بها المسلم.

الشيخ وقدح العسل

جاءت امرأة إلى شيخ القرية، تطلب منه قدح من العسل، لأن زوجها مريض ولا يتوفر معها ثمن العسل.

فأعطاها الشيخ أكثر مما طلبت، فقال له تلميذه: لقد طلبت المرأة قدح من العسل، فلما أعطيتها أكثر؟

فقال الشيخ: هي طلبت على قدر حاجتها، ولعلها استحت

وأنا أعطيتها على قدرنا، واستحي من الله أن أردها.

ومن تلك القصة، نتعلم كيف يكون كرم الأخلاق، وكيف نلتمس العذر لمن هو بحاجة لمساعدة ومساندة، وألا نشعره بأننا ممن عليه أو نقوم بإذلاله.

الصديق الوفي

جاء رجل لصديق له، يطلب منه مبلغ من المال ليسد عنه دين، وكان الرجل في غاية الإحراج والخجل من صديق.

فدخل الصديق ليأتي له بالمال، ودخل غرفته ورأته زوجته يبكي، وسألته: لماذا تبكي؟

قال لها: أبكي لأنني مقصر في حق صديقي، ولم أتفقد حاله، فاضطر تحت ضغط احتياجه أن يأتي ويطلب مني حاجته.

من قصتنا هذه، نرى أن للصديق حق في تفقد حاله، ومساندته إن احتاج.

ما أجمل خلق القرآن، تدبروا أخلاق القرآن وتحلوا بها. حتى يعم السلام والرفق بين الناس.

إيمان أبو الليل 

كاتبة صحفية وعضو إتحاد الكتاب

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.