أراء وقراءاتتقنية

أساليب النصب الإلكتروني: الوجه المظلم للتكنولوجيا الحديثة

بقلم / د. هناء خليفة

في عصر الثورة الرقمية، حيث أصبحت الحياة اليومية مرتبطة بالشبكات الذكية والمعاملات الإلكترونية، ظهر وجه آخر للتقدم؛ وجهٌ يستغل الفجوة بين التطور التكنولوجي والوعي المجتمعي. لقد بات النصب الإلكتروني أحد أخطر التهديدات التي تواجه الأفراد والمؤسسات على حد سواء، إذ يتمدد في الفضاء الرقمي بخفةٍ وذكاء، مستغلًا الثقة، والجهل، وأحيانًا الطمع البشري.

أولًا: النصب الإلكتروني… المفهوم والسياق

يعرف النصب الإلكتروني بأنه “استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة لتحقيق مكاسب مادية أو معلوماتية بطرق احتيالية تنتهك القوانين والأعراف الأخلاقية”.

وقد تنوعت أشكاله بمرور الوقت، من رسائل البريد المزيفة إلى الاحتيال عبر العملات الرقمية والتطبيقات الذكية. وتستند هذه الأساليب إلى دراسة دقيقة لسيكولوجيا الضحية، مما يمنحها قدرًا عاليًا من الفعالية.

ثانيا: أبرز أساليب النصب الإلكتروني

١- التصيد الاحتيالي (Phishing):

تعتمد هذه الطريقة على إرسال رسائل إلكترونية تبدو وكأنها من جهات موثوقة، تطلب من الضحية إدخال بياناته البنكية أو الشخصية، ما يمكّن المحتال من السيطرة عليها.

٢- الاحتيال عبر التجارة الإلكترونية:

يعِد الجاني الضحية بسلع أو خدمات بأسعار مغرية على مواقع وهمية، أو يستخدم صفحات مزيفة لمواقع شهيرة، ويتم الدفع دون تسليم المنتج.

٣- هجمات الهندسة الاجتماعية:

حيث يتم التلاعب النفسي بالضحية لإقناعه بالإفصاح عن معلومات حساسة، مستخدمين عبارات تحمل طابع الاستعجال أو التهديد أو العاطفة.

٤- النصب بالعملات الرقمية:

ويشمل دعوات للاستثمار في عملات أو مشاريع وهمية، مستغلين جهل الضحية بالتقنيات الحديثة وسعيه لتحقيق أرباح سريعة.

٥- التطبيقات المزيفة وبرمجيات الفدية (Ransomware):

يتم تحميل تطبيقات تبدو شرعية، لكنها تتضمن فيروسات تُشفّر بيانات الجهاز وتطالب الضحية بدفع مبلغ مالي لاسترجاعها.

ثالثًا: لماذا نقع ضحية لهذا النوع من النصب؟

الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، يستجيب للعاطفة، ويُغريه الأمل. النصب الإلكتروني لا يعتمد فقط على ضعف الحماية التقنية، بل على فجوات في الإدراك البشري؛ كالرغبة في الربح السريع، أو الثقة العمياء في العلامات الرقمية، أو حتى الخوف من فقدان فرصة أو تهديد مزعوم. وقد بينت دراسات علم النفس الرقمي أن معظم الضحايا يملكون ذكاءً معرفيًا مرتفعًا، لكنهم يفتقرون إلى الوعي الرقمي الحذر.

رابعًا: كيف نحمي أنفسنا؟

١- التحقق من مصادر الرسائل والروابط.

٢-عدم مشاركة المعلومات البنكية أو الشخصية إلا من خلال قنوات آمنة.

٣- استخدام برامج حماية محدثة باستمرار.

٤- تعزيز الوعي الرقمي من خلال حملات توعية مدروسة.

٥- الإبلاغ الفوري عن أي محاولات احتيال.

إن مواجهة النصب الإلكتروني لا تتطلب فقط أدوات تقنية، بل تبدأ من تعزيز الوعي النقدي لدى الفرد. فكما أن التكنولوجيا تطورت، فإن أساليب الاحتيال أصبحت أكثر ذكاءً وتعقيدًا، ما يفرض علينا أن نكون أكثر يقظة وفهمًا. إن بناء ثقافة الحذر الرقمي ضرورة لا ترف، خاصةً في عالم تحكمه الشاشات وتتشابك فيه الحقائق بالأوهام.

دكتورة هناء خليفة 

دكتوراة في الإعلام من كليه الاداب جامعه المنصورة
مهتمة بقضايا الفكر والوعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى