الاسرة والطفل

أنا وأبي والغربة

وانا صغير كان والدي مسافر السعودية.. كان ديما يكلمني ويقولي شد حيلك عاوزك تطلع الأول.. علشان أخدك معايا السعودية…

فأنا سألته :هي السعودية حلوة كده يا بابا؟

كان يقولي طبعا.. انا باكل احسن أكل وبخرج وأتفسح واشتري كل اللي في نفسي.. إطلع انت الأول بس

وانا هاخدك تجيب كل اللي بتتمناه…

وتسرقه الغربه من حضني.. وأطلع كل سنة الأول وكل مرة اتصل بيه وأقوله.. هاتاخدني السعودية إمتى.. ؟

يقولي بجهز الورق خلاص.. المهم انك تشد حيلك وتدخل كلية الطب وتشرفنا.. وبالفعل انا دخلت كلية الطب..

ولسه عندي أمل أسافر عنده.. وأعيش في المتعه إللي كان بيحكي عنها… وهو كل مرة يرد.. لسه بجهز الورق يا حبيبي.

وفي رابعه كليه.. يتعب والدي تعب شديد.. والأطباء نصحوه انه ينزل مصر  جنب ولاده ..وفعلا ينزل ويقعد معايا أيام  قليلة أوي  ويتوفي.. وهو في حضني.. وبعد ما كان بيجهز هو الورق علشان أسافر .. كنت بجهز انا أوراق وفاته..

وتمر الايام.. واخلص دراستي… وسافرت السعودية..

اول ما وصلت المطار لقيتني بكلم نفسي :

” انا  جيت السعودية اخيرا يا بابا.. بس وانا وحدي..”

كان نفسي أجي وأكون معاك.. ويكون حضنك ليا وانت عايش

واحس بضمتك ليا وانت فرحان بابنك إللي كبر وبقي  طولك.

وكانت الصدمة.. لما روحت المكان اللي كان عايش فيه.. واكتشف انه كان بيضحك علينا.. وهو حارم نفسه ومضحي بسعادته وفرحته وعمره علشان إحنا نعيش أفضل عيشه وناكل ونشرب أحسن اكل..

صدمت عمري.. لما عرفت انه كان قاعد في اوضه صغيرة وسرير على قده وشوية هدوم للشغل يادوب.. واكله شوية زبادي على حليب على فول.. كل ده علشان يوفر كل مليم لأولاده ويخليهم مبسوطين..

صدمت عمري لما عرفت انه كان عنده سرطان بالكبد وعمل عملية حقن كيماوي وهو بطوله في الغربة من غير ما يقول لينا علشان ماحدش يقلق ونقصر في دراستنا..

هي دي الحياة اللي كنت بتحكي عنها يا بابا في السعودية؟

كنت بتشجعني اشوف واحلم باللي انت حارم نفسك منه..

الأب أعظم حاجه عمرها ما هاتتكرر في حياتك..حد أوعي تفكرر إنك تفضل  عليه أي حد.. مهما كنت بتحبها..

الأب لو خسرته هاينكشف ظهرك وهاتفقد متعة كل حاجه جواك..

الأب ابتسامته قدام عنيك حياة.. عطفك عليه جنه.. بوستك لراسه بلسم…انك تطيع أوامره وتسمع لنصايحه مدرسه عمرك ماهاتتعلم في مكان تاني غيرها…

لما بيحرمك يبقى بيقوي قلبك.. ولما يعلق علي تصرفاتك يبقى شايفك احسن منه.. ولما يغضب عليك. يبقى بيقومك.

   مختارة من صفحة التربوي
                    عادل نور الدين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.