أين اختفى الحاكم بأمر الله
فى صباح الثامن والعشرون من شوال سنة 411 هجريا إستيقظت القاهرة على خبر هز شوارعها وأزقتها وبيوتها
هذا الخبر الذى إشتاق الناس لسماعه زمن طويلا حتى أتاهم ، إختفى أبو على المنصور الحاكم بأمر الله هكذا وبكل بساطة ، أختفى بعد سنين من تضرع الناس بالدعاء إلى الله بالخلاص من ظلمه فأستجاب الله لدعائهم ورحمهم من ذلك الحاكم المجنون الذى حرق مدينتهم وقتل رجالهم ورمل نسائهم وزرع الرعب فى قلوب أبنائهم .
وسرعان ماعمت الفوضة فى المدينة وتعقدت الامور ، إذا خرج راجل وأخذ يطوف الشوارع زاعما أنه من قتل الحاكم بأمر الله إنتقاما لحرمات الله . ثم خرجت جماعة وأخذوا يطوفون المدينة يصرخون ثائرون أنه لم يقتل بل ترك مصر بفسادها وشرورها ذاهبا إلى ما وراء الهند حتى أختلط الأمر على العامة ولم يدروا ما هو صحيح الأمر ، أين أختفى مولاهم الحاكم بأمر الله وكيف ؟
وإلى الأن لم يعرف أين أختفى الحاكم ومن الذى تخلص منه وخلص الشعب المغلوب على أمره
وبالوقوف عند شخصية الحاكم بأمر الله الغريبة والمثيرة للجدل نجد وقد تشابهت ببعض الشخصيات لبعض حكام هذه الفترة من الزمن .
وكما نعلم جميعا أن الحاكم بأمر الله قد اتخذ العديد من المراسيم الغريبة ومنها أنه أمر بمنع أكل الملوخية والجرجير وأن لا يباع السمك بغير قشر وأن لا يصاده أحد من الصيادين كما أمر الناس بالعمل ليلا والنوم نهارا .
كانت فترة حكمه مليئة بالتناقضات ، كان محبا للعلم قاتل العلماء يميل الى الصلاح وينتقم من الصالحين ، ومنع صلاة الترويح عشرة سنين ثم أباحها وأمر ببناء الكنائس ثم أمر بهدمها .
كان جبارا عنيدا وشيطانا مريدا كثير التلون فى أقواله وأفعاله . اشتهر بسفك لدماء وهتك الاعراض .
فقد رفعه قوم الى درجة الالوهية ، واحيط بهالة من التعظيم والتقديس ، وهذا ما فعله بعض الفئات من شعوبنا العربية بحكامهم فى وقتنا هذا حتى وصلوا الحاكم الى درجة النبوئة فاصبح نبى ورسول مخلصا ومنقذا فى اعتقادهم .
ومع مرور عقود وعقود من الزمن لا يزال بعض الشعوب الجاهلة تصنع من حكامهم الحاكم بأمر الله جديد
فهل سنظل ننتظر اختفاء مثل هذه الحكام الظالمة المستبدة أم نستطيع اخفائهم بالديمقراطية بإنتخابات حرة نزيهة وتداول السلطة والتى لا بديل عنها .