تقارير وتحقيقات

احتجاجات إيران .. الحقيقة الكاملة

تقرير يكتبه: هاني حسبو

برزت أحداث الاحتجاجات الأخيرة في إيران واحتلت تطورات أحداثها مكانة كبيرة في العالم نظرا لدور دولة إيران في المنطقة ، وظهور إيران كدولة ذات مشروع أيدولوجي استعماري تسعى لفرضه في المنطقة.

إيران تعتبر دولة دينية تعتنق المذهب الشيعي وتسعى لتمكينه في العديد من دول المنطقة عن طريق دعمها للعديد من التنظيمات كحزب الله في لبنان والحوثيين باليمن

يحكم إيران فعليا المرشد العام للثورة” الإسلامية “حيث يعتبر هو المرجعية العليا وبيده مقاليد الأمور للدولة.

بسبب دعم إيران لكثير من المشاريع الأيديولوجية بالمنطقة خسرت كثيرا من تأييد الشعب الإيراني للسلطات بل والمرجعيات العليا وظهر هذا جليا في الاحتجاجات الأخيرة عندما قام المتظاهرون بحرق صور المرشد العام.

لفهم طبيعة الحراك في إيران ومعرفة دوافع هذه الاحتجاجات كتب الناشط الإيراني الأهوازي محمد مجيد الأهوازي سلسلة من التغريدات على موقع التدوين المصغر”تويتر” بدأها بقوله :

“‏في هذه التغريدات المتسلسة، أحاول أشرح ما يحدث في ايران ، حتى نفهم طبيعة هذه المظاهرات وإلى أين تتجه؟!

سبب انطلاقة هذه المظاهرات من مدينة مشهد كان للأسباب التالية:

  • خسرت 160 الف عائلة مشهدية اموالها في مشروع شانديز السكني وكان هذا المشروع عبارة عن أكبر عملية نصب واحتيال والمتورط في هذه السرقة مسؤولين في النظام لم يتم محاسبتهم وخسر أهالي مشهد أموالهم وحلمهم بالحصول على السكن.

  •  أكثر البنوك الايرانية التي اعلنت افلاسها هي من مدينة مشهد الايرانية وفقد الناس اموالهم بسبب اعلان هذه البنوك عن افلاسها والحكومة الايرانية تجاهلت مطالب الشعب الايراني في قضية افلاس البنوك وركزت على الاتفاق النووي الايراني .!

  • ‏اكبر جالية افغانية توجد بمدينة مشهد وتنافس أهالي المدينة على فرص العمل وبعد أزمة الاسكان وازمة افلاس البنوك وفقدان المدينة المداخيل السياحية وارتفاع الاسعار وازدياد نسبطة البطالة، أصبح الفقر والادمان والبطالة ينهش في جسد هذه المدينة وسكانها اكثر من ثلاث مليون نسمة .”

‏فمن هنا كل الاسباب الموضوعية توفر بيئة جاهزة لانطلاقة أي حراك شعبي ضد الفقر والبطالة وما يعاني منه أهالي مشهد .
نفس المطالب التي خرج لأجلها اهالي مشهد تتوفر ايضا في كل اغلب المدن الايرانية لهذا نرى بأن مدن الاطراف انجذبت للاحتجاجات والمظاهرات اكثر من المركز عكس ثورة عام 2009م.”

الفرق بين الاحتجاجات والثورة الخضراء

‏ما يميز هذه الحركة المجتمعية عن الثورة الخضراء التي شهدتها ايران في عام 2009 هي أنها لا تعتمد على المركز في حراكها الثوري عكس ثورة عام 2009 حيث كان الثقل الثوري في طهران وشيراز والمدن الفارسية الاخرى وهمشت الاطراف لاسباب قومية ومذهبية .”

‏الثورة الخضراء في عام 2009 كانت تمتلك قيادات واضحة كمير حسين موسوي ومهدي كروبي ومطلبهم كان يدور حول الانتخابات فقط ولكن هذه الحركة الاحتجاجية الشعبية التي تشهدها ايران لا تمتلك قيادات سياسية ولا مذهبية وشعاراتها تجاوزت الاصلاحيين وبدأت تنادي بتنحي المرشد خامنئي من السلطة.

‏صحيح أن هذه الحركة الاحتجاجية دافعها الرئيس للخروج إلى الشارع هو عامل الاقتصاد ولكن لا ننسى بأن في جميع الثورات الإيرانية السابقة كان عامل الاقتصاد لعب دورا محوريا في الاطاحة بالنظام الملكي الشاهنشاهي .”

كان الخميني يستخدم العامل الاقتصادي لتحريك الشعب الايراني ضد شاه ايران وهذه صحيفة كيهان يقول فيها الخميني ان الماء والكهرباء مجانا ولا تحذف الضرائب وكل ايراني يحصل على سكن مجانا،، إذن العامل الاقتصادي هو الأهم والأساس في انجاح الثورات واسقاط الانظمة داخل ايران .

‏ما يميز هذه الاحتجاجات الأن هي أنها ليس مسيسة لأي تيار او حزب سياسي في ايران ، وايضا استطاعت تنتشر خلال اليومين وتتوسع إلى الجنوب والشمال والغرب وشرق البلاد عكس الثورة الخضراء التي فشلت في الانتقال من طهران الى الاطراف واستطاع الحرس الثوري قمعها بسهولة .

‏الطبقة التي شاركت في الثورة الخضراء عام 2009 كانت من الطبقة المرفهة والطبقة الوسطى وايضا الطلبة في الجامعات الايرانية؛ ولكن اليوم الطبقة المسحوقة والفقيرة والتي تعيش تحت خط الفقر هي من تقود وتحرك هذه المظاهرات والاحتجاجات في ايران .

‏في عام 2009 كان المتظاهرون غاضبون من تيار المحافظين وتزوير الانتخابات وكان الصراع بين منحصر بين الاصلاحيين والمحافظين، أما الآن المتظاهرون غاضبون على سياسة الحكومة الاقتصادية وغاضبون على النظام السياسي الذي يقوده المرشد خامنئي لهذا كانت الشعارات توجه ضد روحاني والمرشد وتمزق صورهم.

‏في عام 2009 همش الاصلاحيين جميع التيارات السياسة في البلاد وأرادوا أن تكون اللعبة منحصرة بينهم وبين المحافظين ، أما الآن هذه الاحتجاجات جمعت جميع الاطياف ، من الشعوب غير الفارسية واهل السنة والملكيين ومجاهدي خلق والقوميين الفرس والحركة النسوية الايرانية ، والحركة العمالية.

إنجازات الاحتجاجات :

‏أهم إنجاز لهذه الاحتجاجات حتى الآن هي أنها حذفت دور الاصلاحيين في هذا الحراك الشعبي ولهذا فأن في حال استمرارها ستؤدي إلى تغيير النظام وليس الحكومة .!

‏لا أحد يستطيع أن يتكهن ماذا يحدث اليوم أو غدا ولكن ما يمكن أن نشاهده ونلمسه هو أن النظام الحالي غير مستعد لتقديم أي تنازلات لهذه الحركة الاحتجاجية والحرس الثوري ايضا جاهز لقمع هذه الاحتجاجات بالقوة المفرطة .

ولكن الأهم في كل هذا هو أن هذه الفئة المسحوقة التي تقود هذه الاحتجاجات في ايران وليس لديها أي قيادة سياسية مركزية حتى يتسطيع الحرس اعتقالها وايضا ليس لديها ما تخسره وجاهزة تصعد وتدخل في مواجهات دامية مع الحرس والشرطة والامن الايراني من اجل تحقيق مطالبها العادلة.ومن هنا يبدأ كل شي.”

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.