الأنانية تهدم العلاقات
بقلم / هاله أبو القاسم عبد الحميد
منذ أيام وردت إلى ذهني بعض الاسئلة :
*هل يمكن أن الأخ يخسر أخوه/ أخته بسبب الأنانية؟
*هل الزميل يخسر علاقته بزميله بسبب الأنانية؟
*هل المدير يخسر مرؤوسيه بسبب الأنانية؟
*هل الزوج يخسر زوجته بسبب الأنانية ؟ والعكس
هل . هل .هل …..
وجدت أن الاسئلة كثرت ، وأن الأنانية فعلا َكَثُرَت في هذا الزمن ولا أحد يُؤثر الآخر بل كل شخص يُفكر في ذاته ، ولا يهمه ذاته تنهض على حساب َمَن .
لماذا هذه الأنانية؟ هل لتحقيق مصلحة شخصية أم للترقية لمنصب أم لحب الذات. هل الدنيا تستحق أن نخسر علاقاتنا بالآخرين لتحقيق مصلحة ما بغض النظر عن هذه المصلحة ممكن تؤثر أو تدمر من تربطك بهم علاقة شخصية أو صلة رحم.
فأجد الزميل لا يحب زميله ، ولا يحب أن يراه أو يحتك به حتى يظهر وحده في الصورة وحب الذات والانا، الأخ لا يريد أن يتواصل مع أخيه حتى لا يعرف عنه شيء للوصول لهدف أو طمع في شيء معين .
المدير في مؤسسته لا يعطي مرؤوسيه قيمتهم لتحقيق غرض معين في نفسه ولا يعطي كل ذي حق حقه حتى يبقى هو الوحيد المميز في العمل ولو أحد من المرء وسيه عرض عليه فكرة لا يرجع الفضل لا صحابه. والكثير والكثير من المعاملات التي ينهانا عنها الدين والمجتمع ، انتشرت هذه الصفات ونسينا
إن ديننا الحنيف يوصينا بالإيثار وقال الله تعالى في القرآن الكريم :﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، [سورة النازعات الآيات: 37 – 39]، وقال سبحانه تعالى أيضا: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾،[سورة الأعلى].
وهناك أحاديث نبوية كثيرة تذم الأثرة (الأنانية) وتحذر منها، فعَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ قَالَ: قُلْتُ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ ؟ قُلْتُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾، قَالَ: سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (بَلْ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا ـأثرةـ وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَا يَدَانِ لَكَ بِهِ فَعَلَيْكَ خُوَيْصَةَ نَفْسِكَ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ عَلَى مِثْلِ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ)، [رواه ابن ماجه، والترمذي، وأبو داود]، وعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ يعني عيّني بوظيفة، كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا، قَالَ: (سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ)، [متفق عليه].
وحَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ)، [متفق عليه].
إن الأنانية تُؤدي إلى هدم العلاقات بين الناس وهدم المجتمع فتجعل الذي أمامك يشعر بعدم الراحة وأنه مقيد في التعامل معك ، وتُؤدي إلى الخصام والبعد وعدم التواصل بين الناس وبعضها ، كما تُؤدي إلى الكره والنفور بين الناس. وعدم الانجاز في أي عمل وترجع الشخص للوراء وليس للتقدم. كما تؤدي إلى الاحباط والاكتئاب ، وعدم الانجاز في أي عمل وتؤدي إلى انتشار كثير من العادات المذمومة بالمجتمع
ولا ننسى من أمثلة الايثار وعدم الانانية موقف “علي بن أبي طالب ” رضي الله عنه عندما آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونام في فراشه حتى يهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة .
فلماذا لا نقتدي بالصحابة الذين آثروا الرسول صلى الله عليه وسلم ، وغيرها من الامثلة.
أم المجتمع والظروف تفرض على الناس الأنانية وحب الذات للوصول إلى أهدافهم ، حتى لو كان المجتمع والظروف يفرض ذلك ، هل ننسى تعاليم ديننا ونقتدي بالصفات المذمومة مثل الأنانية ، هل نتمسك بالدنيا على حساب الآخرة . بالطبع لا . لابد أن نتمسك بكل صفات حميدة وبتعاليم ديننا حتى لا نخسر أنفسنا وعلاقاتنا بالآخرين ، وبصلة أرحامنا . “وحتى لا يختفي بريق الذهب”
8 نوفمبر 2020م