الصراط المستقيم

الإعلام بأهمية الوقت في الإسلام

الوقت من الأمور المهمة، إذ إن قيمة الوقت عظيمة، وينبغي معرفة حقيقة الوقت، وخطورته في حياة المسلم، هذه القيمة لو عرفناها حق معرفتها، وقدرناها حق قدرها؛ لاحتجنا إلى أن ترضعها الأمهات مع لبن الأطفال؛ حتى يتشربها الجيل، وتؤسس الأمة على هذا المفهوم الخطير الذي إذا انحرفت فيه كان الخسران، وكان الضياع للأمة، كما نرى الآن في الإحصائيات الأخيرة أن المدة التي يستغلها العامل المسلم في الإنتاج: سبع وعشرون دقيقة في اليوم أي: أقل من نصف ساعة!! فطالما استمرت هذه الأمة بعيدة عن الإسلام فلا يمكن أن تنهض، وهذه العقيدة لا تزعزع ولا تتقلب، وهذه كلها سنن من الله سبحانه وتعالى. كل منا يمر برحلة على هذه الأرض، يقطع رحلة لابد له منها، هذه الرحلة بدايتها لحظة الميلاد، ونهايتها ساعة الموت ومغادرة هذه الدار إلى الدار الآخرة. هذا الوقت ما بين ساعة الميلاد وساعة الموت هو العمر .. هو الزمن .. هو الدهر .. هو الوقت الذي خصه الله عز وجل بخصائص وصفات ليست في غيره من الأشياء.

إذا أردنا الإصلاح فعلاً وأردنا التربية الصحيحة. هناك لحظتان مما يجسد قيمة الوقت وخطورته: اللحظة الأولى: لحظة الاحتضار حينما يحتضر الإنسان وتخرج روحه ويقول: يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر:56] حينئذ ما من إنسان يأتيه ملك الموت إلا ويود لو أنه يمهل ولو قليلاً حتى يتزود من العمل الصالح، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:9-11]. اللحظة الثانية التي تتجلى فيها قيمة الوقت وخطورته: حينما يأوي أهل الجنة إلى منازلهم، ويأوي أهل النار إلى منازلهم، ويرتفع صراخ أهل النار: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ [المؤمنون:107]. يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى: ( يا ابن آدم! إنما أنت أيام … ) أي: لست جسداً قوياً، ولست مالاً، لكنك تساوي أيام، أي: تساوي زمناً وأوقاتاً، ولم يقل: إنما أنت سنوات؛ إشارة إلى قصر العمر، وأنه سرعان ما يمر: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قليلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [المؤمنون:112-114].

نقف مع بعض النصوص التي تبين قيمة الزمن، من القرآن ومن السنة: يقول الله عز وجل: وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [النحل:12]، وقال عز وجل: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ [إبراهيم:33]، وقال سبحانه: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا [الإسراء:12]، وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الفرقان:62]

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة) أي: لا ينطلق من بين يدي الله سبحانه وتعالى إلا بعد الحساب، إذ لابد لكل إنسان أن يحاسب، ويسأل أسئلة إجبارية وليست اختيارية: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به). فتأمل! أربعة أسئلة إجبارية، منها سؤالان في مادة الوقت .. في مادة الزمن: (عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه) مع أن الشباب يدخل في العمر! لكن خص النبي صلى الله عليه وسلم الشباب؛ لما له من قيمة متميزة، باعتباره سن الحيوية، وسن القوة بين ضعفين: ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة. فالشباب هو سنّ الثبات، وسنّ العمل، وسن التحصيل، بعكس ما يفهم بعض السفهاء في هذا الزمان، فيقول: تمتع بشبابك.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس) أي: أدرك هذه الغنيمة، ولا تدعها تهرب منك؛ فإنها ضيف عابر ينزل عليك ثم سرعان ما يخلفه غيره: (شبابك قبل هرمك)، فاغتنم شبابك؛ لأنه وقت الطاعات، ووقت تحصيل الأعمال، (اغتنم شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك).

أسباب ضياع الوقت

 

 

 

فضول المجالسة والمخالطة

 

 

 

فضول المجالسة والمخالطة، مثل ما يسمى بجلسات الدردشة،

مختارة من محاضرة للدكتور محمد اسماعيل المقدم بتصرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى