الابتزاز الإلكتروني… وحوش خلف الشاشات

بقلم / الدكتورة هناء خليفة
في العصر الرقمي، لم تعد الجريمة تحتاج سلاحًا أو مواجهة مباشرة؛ يكفي هاتف ذكي واتصال بالإنترنت، لتتحول الشاشة إلى فخ، ولتصبح الثقة بابًا يدخل منه الخطر. إنه الابتزاز الإلكتروني… جريمة تتخفى وراء الكلمات المهذبة، والابتسامات الإلكترونية، وصور تبدو “خاصة”، لكنها تتحول فجأة إلى وسيلة تهديد وإهانة وتحكم بمصير إنسان.
*ما هو الابتزاز الإلكتروني؟
الابتزاز الإلكتروني هو جريمة معلوماتية يقوم فيها شخص أو جهة بتهديد شخص بنشر صور، أو تسجيلات، أو محادثات، أو معلومات خاصة عبر الإنترنت، مقابل المال أو خدمات أو تنازلات.
الابتزاز قد يكون ماليًا، عاطفيًا، أو حتى أخلاقيًا… لكن هدفه واحد: السيطرة على الضحية واستغلالها تحت الضغط والخوف.
*ما الذي يحدث بالفعل وراء هذه الشاشات؟
المبتز لا يقتحم بيتك؛ هو يقتحم خصوصيتك. في دقائق، يمكن لمحادثة حميمة أو صورة مُرسلة بدافع الثقة أن تتحول إلى ورقة ضغط تُطالبك بدفع مال أو تنفيذ أوامر لا أخلاقية. العملية تبدو بسيطة: جمع مادة، تهديد، طلب استجابة. لكن أثرها يمتد إلى الصحة النفسية والعمل والعلاقات الأسرية.
*الطرق الأكثر استخدامًا لاصطياد الضحايا
▪️علاقات وهمية: حسابات زائفة تبني ثقة ثم تطلب صورًا أو محادثات.
▪️اختراق الحسابات: كلمات مرور ضعيفة أو إعادة استخدامها تسمح بالدخول إلى الرسائل والملفات.
▪️روابط وبرمجيات خبيثة: ضغطة رابط كافية لسرقة صور وبيانات.
▪️تزييف عميق (Deepfake): تصنيع صور أو فيديوهات مزيفة تُستغل للضغط على الضحية.
نقطة مهمة: في 60% من الحالات، يبدأ كل شيء بثقة… لا باختراق.
*لماذا يستمر الابتزاز؟
أربعة عوامل تمنح المبتز القوة:
١- الخوف من الفضيحة
٢- الجهل القانوني
٣- ضعف الوعي الرقمي
٤- الصمت
الصمت ليس حلًا… الصمت شريك للجريمة.
*خطوات عملية ومباشرة إذا تعرضت للابتزاز
١- لا ترد على المبتز.
٢- احتفظ بالأدلة (صور للشاشة، روابط، أسماء حسابات).
٣- لا تدفع ولا تتفاوض.
٤- احظر المبتز فورًا.
٥- قدّم بلاغًا رسميًا لوحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية.
تذكير مهم: المبتز لا يتوقف بالدفع… بل يزيد المتطلبات.
*إجراءات وقائية للجميع
▪️استخدم كلمات مرور قوية ومختلفة لكل موقع.
▪️لا ترسل أي محتوى لا تتحمل رؤيته في العلن.
▪️فعّل المصادقة الثنائية لجميع حساباتك.
▪️توعية الأبناء والمراهقين بالمخاطر.
وختاماً..
الابتزاز الإلكتروني ليس مجرد جريمة رقمية…
إنه عدوان على كرامة الإنسان وحقه في الأمان النفسي.
وحين نكسر الصمت، تسقط السلطة التي تمنح هؤلاء “الوحوش” جرأتهم.
تذكر دائمًا… عندما تصمت… أنت تمنح المبتز قوة.
وعندما تتكلم… تسقط مملكته بالكامل.




