التجارة الإلكترونية تُفاقم أزمة الأدوية المغشوشة عالميًا

اتحاد شركات الأدوية الفرنسية يحذر من تهديد خطير للصحة العامة
كتب – محمد السيد راشد
حذر اتحاد شركات الأدوية الفرنسية (ليم) من أن التجارة الإلكترونية فتحت الباب أمام مواقع غير خاضعة للرقابة، ما أدى إلى نشوء سوق عالمية للأدوية المزوّرة والمخالفة للمواصفات القانونية.
ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن “الأدوية المزوّرة” هي المنتجات الطبية التي تُزيف عمدًا أو بشكل احتيالي هويتها أو تركيبها أو مصدرها، وقد تحتوي على:
-
مكونات صحيحة بجرعات غير دقيقة
-
مواد فعّالة مختلفة أو معدومة
-
مواد مضافة أو ملوثة ضارة بالصحة
حتى الأدوية الأصلية تصبح غير قانونية إذا خرجت من سلسلة التوزيع الرسمية، مثل إعادة بيعها عبر مواقع صيدليات غير مرخصة أو بعد انتهاء صلاحيتها.
ثقافة التطبيب الذاتي تزيد من تفشي الظاهرة
أوضحت شركة الأدوية الفرنسية “سيرفييه” أن ظاهرة التطبيب الذاتي والتشخيص الذاتي أسهمت في زيادة الإقبال على شراء الأدوية من الإنترنت دون استشارة طبية، خاصة في الدول التي أصبح فيها الوصول إلى الأطباء أكثر صعوبة.
هذا التوجه يعزز انتشار الأدوية المغشوشة ويجعل المرضى عرضة لمخاطر صحية جسيمة.
مخاطر صحية جسيمة على المستهلكين
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن الأدوية المزوّرة تمثل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة:
-
قد تحتوي على مواد سامة أو ملوثة تؤدي إلى مضاعفات خطيرة أو الوفاة.
-
في حالة المضادات الحيوية، تسهم في رفع مقاومة البكتيريا للأدوية.
-
في أفضل الأحوال تكون غير فعّالة وتفشل في علاج المرض.
أبرز حادثة حديثة كانت وفاة 300 طفل في غامبيا وأوزبكستان وإندونيسيا عامي 2022 و2023 نتيجة تناول شراب سعال مغشوش يحتوي على مادة مضاد تجمد سامة.
اتجار أكثر ربحية من المخدرات
وفق اتحاد “ليم”، فإن الاتجار بالأدوية المزوّرة أصبح أكثر ربحية بكثير من المخدرات، في حين تبقى العقوبات أقل حدة.
وقد استهدفت الشبكات الإجرامية تاريخيًا علاجات ضعف الانتصاب مثل الفياغرا، لكنها توسعت الآن إلى:
-
أدوية السرطان
-
أدوية الأمراض المزمنة
-
أدوية الجهاز العصبي
-
أدوية السكري والسمنة
أوزمبيك وويغوفي على قائمة الاستهداف
في صيف 2024، حذرت منظمة الصحة العالمية من وجود دفعات مزيفة من أدوية سيماغلوتيد المستخدمة في علاج داء السكري من النوع الثاني والسمنة، مثل أوزمبيك وويغوفي، وهي من بين الأدوية الأكثر طلبًا على السوق السوداء للأدوية.
عمليات دولية لمكافحة الظاهرة
قاد الإنتربول عملية “بانجيا 17” بين ديسمبر 2024 ومايو 2025، ونجحت في:
-
ضبط 50.4 مليون جرعة من الأدوية غير القانونية
-
تقدير القيمة السوقية بـ 56 مليون يورو
-
تنفيذ العملية في 90 دولة
-
توقيف نحو 800 شخص متورط في التجارة غير المشروعة
وأفاد الإنتربول أن الطلب على أدوية السكري شهد ارتفاعًا كبيرًا في السوق السوداء.
تُظهر هذه المعطيات أن أزمة الأدوية المغشوشة لم تعد مقتصرة على دول بعينها، بل أصبحت ظاهرة عالمية تتغذى على التجارة الإلكترونية غير الخاضعة للرقابة، وتشكل تهديدًا متزايدًا للصحة العامة والاقتصاد، وتتطلب تعاونًا دوليًا أكثر صرامة لمكافحتها.