التفاوض
بقلم / الفنان أمير وهيب
تجسدت أمامي العلاقة بين الفن و السياسة من خلال الاعمال و المعارض الفنية ، فنان يدعو سياسي و سياسي في ضيافة فنان.
البداية كانت مع أول معرض جماعي في سنة ١٩٩٣ و كنا مجموعة الفنانين مع منظم المعرض نستعرض قائمة المدعويين باعتبارها من قواعد السلوك و أصول المجاملات في إقامة معرض شأنه شأن حفلة او احتفالية و لابد من مدعويين.
و لاحظت كم غير قليل من اسماء السفراء و الوزراء و سألته هل بيحضروا فعلا و كانت إجابته ب ” نعم “.
فرحت ، و كنت اتصور أن كيان رتبته في الوظيفة يتفق مع راتبه مما يسمح بشراء الاعمال الفنية و لكن اكتشفت فيما بعد أن ” الرتبة ” شئ و ” الراتب ” شئ آخر.
* في المعارض اللاحقة ، اصبحت الدعوة الموجهه لسفير و وزير هو أمر تلقائي.
مع الاخذ في الاعتبار انه يمكن طلب من شخصية عامة افتتاح المعرض التي تتيح اختيار شخص وزير.
* و فعلا ، حضر وزير الاقتصاد السابق ” مصطفى السعيد ” و حرمه أول معرض فردي سنة ١٩٩٥.
* و بعدها تم اختيار شخص الدكتور ” أسامة الباز ” – يرحمه الله- في افتتاح معرض جماعي في المركز الثقافى الإيطالي وحضر و تكلمنا معه و هو محب الفنون الجميلة بدرجة عالية.
* و في معرض فردي لاحق ، حضر السفير الأمريكي ” ديفيد ولش ” و الملحق الثقافي للسفارة ” إليزابيث ثورنهيل ” ، و عادوا و زاروني في مرسمي.
* و في افتتاح معرضي في نيويورك اتصلت بالقنصل المصري الدكتور ” ممدوح علام ” و قال لي : عدي عليا ونروح معرضك سوا علشان معرفش الطريق.
و فعلا كنت عنده في التوقيت المحدد و ذهبنا سويا بسيارة السفارة متوجهين الي المعرض و تعرف على صاحب القاعة و كان في قمة الفخر.
* و حضرت الي مرسمي سفيرة السويد ” شارلوتا سبار ” و كان معها ” محمد الناصري ” مدير اقليمي من هيئة الأمم المتحدة.
* و زارني في معرض آخر ” عبد الرازق معاذ ” مساعد وزير الثقافة السوري و كما يستخدم الأشقاء في سوريا كلمة معاون بدل من مساعد المكتوبة على كارت وظيفته.
* و حضر الي معارضي سفراء فرنسا و ايطاليا و غانا و كوبا و الارجنتين و رومانيا كما هو موضح من كروتهم الشخصية.
* و زارني في مرسمي معظم الدبلوماسيين و السياسيين المهتمين بالفن و منهم توطدت صداقتنا خاصة من بدأ منهم أن يبدع و ينتج فن.
* و الملاحظة المؤكدة من خلال هذه اللقاءات ، ان الدبلوماسيين و السياسيين لهم شخصية متشابهة ، على اختلاف جنسيتهم و ثقافتهم باعتبارهم تلقوا نفس التعليم و اكتسبوا مهارات متعارف عليها يكتسبها أبناء المهنة الواحدة ، مثل شخصية الأطباء و المحامين و غيرهم. و بدا واضح من سلوكهم شأنهم شأن كل الفئات المهنية الذين يشتركون في صفات معينة.
* و لكن الاختلاف كان واضح في درجة معرفتهم بالفنون الجميلة.
* و هو ما يرفع من شأن شخص عن آخر ، كما لو كان سؤال في امتحان و هذا السؤال في المعلومات العامة بعيدا عن مضمون المادة ، المتفوق هو من يعرف الإجابة.
* و الملاحظة المؤكدة ايضا ، بجانب تفوق سفير و وزير عن آخر هو أن كلمة وزير باللغة الإنجليزية هي minister و معناها خادم و تستخدم كلمة secretary في امريكا و معناها أمين سر.
* و الوزير و السفير الأجنبي يسمع كما لو كان الموجه إليه هو سؤال و واجب عليه أن تكون إجابته صحيحة كجزء أساسي من عمله.
سوء تفاهم
* و لكن في مصر يبدو على بعض الوزراء سوء تفاهم ، في أن تعيينه في هذا المنصب هو تكريم لنبوغه وجاذبية حديثه عميق الفهم و كرافتة شيك اوي.!!!
* و لاحظت ايضا ، أن السفراء و السياسيين المصريين شخصيتهم لا تسمح لهم ب النزال و ترجيح رأيهم في التفاوض بشكل يضمن الحفاظ على هيبة مصر و المثال الأشهر هو التفاوض في ” سد النهضة “.
* و كان لابد من لفت الانتباه ، و لابد أن يدرك الوزير و السفير المصري انه في ” خدمة ” المصريين و لابد أن يكون على درجة ثقافة عالية.
* ميدان العمل السياسي يتفرع منه شوارع رئيسية و شوارع جانبية و ” حواري ” و أزقة و اذا لم يكن على دراية بالخريطة الكاملة فإذا فر منه احد في شارع جانبي أثناء التفاوض و هو لا يعلم المراوغة هذا معناه ان الطرف الآخر ” فلت ” منه و تركه و حيدا على طاولة المفاوضات.
أمير وهيب
فنان تشكيلي وكاتب ومفكر