الجذور لا تموت (3).. “عطية” مُستَرَدة

بقلم / الدكتور أمين رمضان
تعانقت الجذور بكل مشاعرها الفياضة والمعتقة في أحضان الزمن، في لقاء رتبه قدر الله في خطى وسعي بشر، غمرتنا جميعا الفرحة التي تسللت إلى قلوبنا وأرواحنا عبر ظروف الحياة الصعبة، وعبر الماضي السحيق، وهي تعبر عقود من الزمن، عقداً تلو الآخر، كأنها براق.
لحظة انعتاق من الحاضر
انسلخنا من الحاضر لحظات خاطفة، عشنا مع جمال العودة عبر الزمان والمكان، وكأن أعمارنا اختفت داخل أعمار الطفولة الأولي وأرواحها الشفافة، غير مصدقة أنها هنا من جديد، صرنا مثل بندول الساعة، نروح لهناك ونجيء إلى هنا، كأننا نطير على أجنحة الأثير.
بين الضحكة والدمعة وسكرة اللقاء
استعدنا ذكرياتنا القديمة وسط الفرحة التي تحولت إلى ضحكات وابتسامات أحياناً، ودموع أحياناً أخرى، كنا نهرب من عالم الحاضر، لحلاوة الماضي، نتزود بوقود الحب والإنسانية، ليتحول إلى سعادة يستهلكها قطار الحاضر.
كانت أرواحنا تنتشي بسكرة اللقاء، فترقص في أجسادنا، وتحولها إلى أمواج من السعادة والفرح، وكلما اتصلت وتحدثت مع أحدهم، عاد هدير السعادة لتذوب فيه قلوبنا وأرواحنا.
حكمة القدر في لمّ الشمل
كانت الفرحة عارمة، بتدبير القدر الذي جمعنا بعد عقود، عشنا فرحة الدنيا، وفق سنن الله في الدنيا، التي ننساها كلما ذبنا في أحداثها الآن، امتدت آمالنا، وترعرعت أحلامنا في أيام قليلة من الحاضر، وسنوات مديدة من الماضي.
كنا نتشبث بالقليل من الأحياء، بعد أن عرفنا أن الكثير توفاه الله، حتى جاءني اليوم خبر وفاة أخي وصديقي عطية، فقفز إلى ذهني: “عطية” مُستَرَدة.
وهكذا عدت بسرعة لحقيقتنا الكونية جميعاً، فنحن حالة أو “عطية” وهبها الله للحياة على الأرض، لكنها مُستَرَدة.
لتعود الفكرة بعد السكرة.
للرحلة بقية إن شاء الله
الإسكندرية 15 مايو 2025
#العودة_إلى_الجذور #الذكريات #تأمل #معنى_الحياة #ذكريات_الطفولة #عطية_ مُستَرَدة