الحِب بن الحِب
كانت خديجه رضى الله عنها من الأثرياء وأشترت غلام يقوم على خدمتها وقررت أن تقدمه هديه لزوجها محمد بن عبد الله وكان ذلك قبل بعثته بعدة سنوات.
واشترى لها زيد بن حارثه وهو ليس من اسره تبيع ابناءها فى سوق العبيد وانما من قوم يؤثرون الحريه ولكنه اخذ اسيرا فى اثناء وجوده فى بيت اخواله وكان فى زياره مع امه لاهلها فأغارت على المكان عصابه واسرت الغلام مع من اسرت وعرضتهم للبيع فى سوق عكاظ.
وفى احد مواسم الحج التقى زيد بنفر من جيره والده وعرفوه وعرفهم واخبروه بأن والده حزين على فقده وابلغهم ان يطمئنوا والده الايحزن فهو يعيش فى اسره كريمه وركب بعد ذلك والده حارثه هو واخوه كعب راحلتيهما إلى مكه وسألا عن محمد بن عبد الله وذهبا اليه فى المسجد وكان يتعبد وقالوا: جئناك فى ابننا عندك فأحسن الينا فدائه فسألهم من هو ..قالوا : زيد بن حارثه فقال محمد: ادعوه فخيروه فأن اختاركم فهو لكم وان اختارنى فوالله ماأنا بالذى اختار على من اختارنى احدا. ونودى زيد بن حارثه وعندما خير قال للرسول: ما انا بالذى اختار عليك احدا… انت منى بمكان الاب والعم فقالا له الرجلان: ويحك يا زيد اتختار العبوديه على الحريه وعلى ابيك وعمك واهل بيتك فقال:نعم..قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما انا بالذى اختار عليه احدا ابدا .وماكان زيد ينطق ذلك حتى فاضت عينا محمد بالدموع وقال : يا من حضر اشهدوا ان زيدا ابن يرثنى وأرثه . واطمأن الأب أن ابنه يعيش فى حب ورعايه وودع محمد وعاد الى بلده. اما زيد فقد لقب بعد ذلك زيد ابن محمد ولم يبطل هذا اللقب الا بعد نزول القرآن
“ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله ” صدق الله العظيم .
وذات يوم دخل زيد البيت وقت الظهيره فوجد محمد وخديجه يركعان ويسجدان ويتلوان ايات من القرأن ولما انتهيا من الصلاه ؛ سألها عمن يعبدان فقال له محمد: أنهما يصليان لله رب العالمين وقرأ بضع ايات ودخل بعدها زيد فى الاسلام ويقول الرواه: انه رابع من أسلم بعد خديجه وأبو بكر وعلى بن ابى طالب والبعض يقول انه ثانى من اسلم .وبشده حب النبى لزيد زوجه حاضنته ( ام أيمن) والتى أشرفت على رعايه محمد فى السادسه من عمره بعد ان ماتت امه ورعته حتى صار رجلا.انجب زيد طفلا اسماه اسامه وكان النبى يتردد على بيت زيد ويقبل الطفل ويهدهده ويضعه على فخذه مع الحسن والحسين ، وكان صلى الله عليه وسلم يناديه “الحِب بن الحِب ” .
نشأ أسامه نشأه دينيه ورأى ابويه يصليان وفى يوم وكان قارب العاشره عمرًا سمع حوارا بين ابويه عن موقف المشركين من النبى واصحابه وعرف ان حوالى 900 رجل من المشركين يتزعمهم ابو جهل قد تجمعوا عند بئر بدر وقرب المدينه وان النبى سيقابلهم بنحو 300 رجلا من اصحابه.
تاقت نفس اسامه للخروج مع ابويه والاشتراك فى هذه الحرب والتي حققت بالمشركين هزيمه ساحقه اذهبت بهيبه قريش وعزتها الا ان قريشا لم يهدأ لها بال بعد هذه الهزيمه وما هو الا عام حتى حشدت الاف الرجال لقتال المسلمين وصمم أسامه عندما علم بذلك على الاشتراك فى هذه الحرب ولم يفلحا ابويه فى اقناعه بالعدول عن رأيه وكان لديه 11 عاما وعندما رآه المسلمون وهم فى طريقهم إلى جبل أحد وكان صبيا ويتقلد درعه ويحمل سيفه تساءلوا من كلفه بالجهاد وعرفوا انه تطوع من تلقاء نفسه وانه لم يستجب لرغبه ابويه فى العدول عن رأيه ولكنهم اشفقوا عليه واقنعوه بالعوده واذعن لرأيهم وعاد حزينا الى المدينة.
خرج والده زيد بن حارثه فى ست سرايا كان اميرا على كل منها واحرز فى السنه انتصارات باهره كما انه شهد غزوات بدر وأحد والخندق والحديبيه وخيبر … وكان يحكى لاسامه كيف ينتصرون على اعداء الله حيث كان أسامه يطرب بقصص الفروسية ومواقف البطولة .
وقرر النبى ان يرسل جيشا لحدود الشام لمحاربه الروم واعلن ان امراء الجيش زيد بن حارثه فان اصيب فجعفر بن ابى طالب فان اصيب فعبد الله بن رواحه….وخرج الجيش حتى وصل الى بئر مؤته (اسم الغزوه) وكان المسلمون بضعه الاف وجيش الروم يزيد عن مائتى الف واستشهد زيد ثم جعفر ثم عبد الله بن رواحه وكان موقف المسلمين بالغ الخطوره وتدخل خالد بن الوليد والذى استطاع بخبرته العسكريه ان يسحب الجيش بانتظام ويعودوا للمدينه وقبل ان يصل الجيش للمدينه اخذت الرسول اغفاءه قصيره قال بعدها ان زيد بن حارثه وجعفر و عبدالله ماتوا شهداء … عندما علم اسامه قرر لابد ان تتاح له الفرصه لمحاربه الروم ليثأر لشهداء مؤته جميعا. وتركت غزوه مؤته جرحا فى نفوس المسلمين واعمق فى نفس النبى ولذا قرر أن يخرج بنفسه على رأس جيش لمحاربه الروم.