أراء وقراءات

الذكاء الاصطناعي وفكرة الحياة بعد الموت بين الطموح والخطر القادم

 

 بقلم / د. محمد توفيق ممدوح الرفاعي *

لقد اصبح التطور التكنولوجي المتسارع في مجال المعلوماتية السمة المميزة لعصرنا الحالي، ومن المفروض أن يعول على هذا التطور وضع كل الإمكانيات في خدمة ورفاهية المجتمع وأن يكون مستقبلا الطريق الأقصر والأسرع لحل كل المشاكل العلمية والاقتصادية العالقة مما سيجعل العالم ليس كقرية صغيرة فقط بل كأفراد عائلة واحدة يعيشون في منزل واحد.

ومن إبداعات هذا التطور التكنلوجي التطور الرهيب الذي يتمثل في ابتكار وانتشار الروبوتات الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي منها الروبوت الذي وضع في الخدمة كوسيلة مكن وسائل التواصل الاجتماعي ويعمل وفق برنامج شات المحادثة (ChatGPT) والذي يتم العمل على تطويره ليحاكي الإنسان ويتفوق عليه، ومما يطمح اليه العلماء حاليا استنساخ ذاكرة رقمية للإنسان تكون بمثابة توأم آخر له حتى ما بعد الموت عن طريق تطوير برنامج شات (GPT) الذي يعمل بالروبوت عن طريق المحاكاة والمحادثة وهذا ما يؤكده العلماء والباحثون في مجال تطوير الأبحاث في العلوم الرقمية والروبوتات والذكاء الاصطناعي ومن المحتمل أن يتم ذلك ما قبل عام (2050) ؟

وكان قد سبق الحديث عن هذه الأبحاث سابقا منذ مدة ليست بالطويلة ولكن التصريحات الجديدة لبعض العاملين في هذا المجال أكدت أنه سيتم استغلال الذكاء الاصطناعي من خلال استنساخ ذاكرة رقمية للإنسان وتجري الآن الأبحاث الآن والتجارب على القيام بصنع بصمة وشيفرة للإنسان خاصة به ويتم تسجيل كافة أفكاره وخبراته ومعلوماته العلمية والثقافية وسعة مداركه المختزنة في دماغه مع تسجيل كافة حركاته وأصواته وطريقة تفكيره وكلامه ومحادثته وتعامله مع الآخرين وتحركه وتفاعلاته الداخلية بالصوت والصورة بالإضافة إلى تسجيل أصوات بعض أقاربه وحركاتهم وطريقة تعاملهم معه حيث يتم تجميعها وتخزينها وذلك بدمجها واستنساخها وتخزينها في الذاكرة الرقمية الخاصة به الموجودة في الروبوت الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي وإجراء التدريبات عليها عن طريق برنامج المحادثات (GPT) وسيقوم هذا الروبوت بالاستفادة منها وتطويرها بعد وفاة صاحبها وطرحها من جديد وتعتبر استمرارا لإبداعاته العلمية والفكرية وقد يتمكنون من استخراج خفايا ذاكرته المخفية كالأسرار ومكنونات عقله الباطن التي قد تفيد في كشف بعض الملابسات والقضايا التي لم يتم العثور على حل لها.

ومن الطريف ذكره قد يصبح هذا الروبوت استمرارا للإنسان بعد الموت لأنه بمقدور ذوي المتوفي التحدث مع الروبوت وكأنه موجود بينهم ولم يمت، قد يكون هذا الابتكار العلمي هداما أو انطلاقة جديدة نحو مستقبل افضل، هذا ما سيوضحه المستقبل، ولذلك استشعر البعض من الخبراء الدوليين والمشرعين القانونيين الخطر الذي يهدد العالم اجمع من هذه التطورات المتسارعة إن لم يتم وضع الضوابط الأخلاقية والاجتماعية له فدعوا إلى وضع قيود ولوائح تتحكم بالذكاء الاصطناعي لما قد يسببه من مخاطر جسيمة محتملة كالأمن القومي للدول ومجال التعليم والوظائف العامة وحرية وخصوصية المجتمعات بسبب حصوله على البيانات والمعلومات الشخصية الخاصة على مستوى الأفراد أو المجتمعات وتجميعها وتخزينها والتي قد تستغل لغايات غير قانونية وغير شرعية.

وهذا ما حدا بالمفوضية الأوروبية إلى مناقشة قانون الاتحاد الخاص بالذكاء الاصطناعي دون الخروج بقرارات مفيدة أو إصدار تعليمات بهذا الخصوص، ولكن هيئة حماية البيئة الإيطالية عمدت إلى حظر استخدام روبوت المحادثة الآلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي المستخدم فيه برنامج شات المحادثة ChatGPT)) بسبب الملابسات حوله ووجهت اتهاما لشركة (OpenAI) المنتجة له والمدعومة من شركة مايكروسوفت بانتهاكها تطبيق قواعد الخصوصية من حيث عمر المستخدمون الذي يجب ألا يقل عن ثلاثة عشر عاما وجمعها كما هائلا من المعلومات الشخصية وتخزينها دون مبرر قانوني من أجل تدريب الروبوت، وطلبت الحكومة من شركة (Al Open) إيقاف تطبيق البرنامج التقنية اللازمة لذلك.

فماذا يخبئ لنا المستقبل القريب من خبايا علمية وهل سيتم استعمال الذكاء الاصطناعي في خدمة البشرية وتطورها نحو مستقل افضل ورفاهية اكثر أم سيقتحم الأبواب ويدخل البيوت ويستبيح العورات، وهل سيستطيع الإنسان الحياة بعد أن يوارى جسده التراب وسيكون بيننا على شكل إنسان آلي تخيل ذلك.

*كاتب وشاعر سوري 

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Check Also
Close