الرزق بين الحقيقة والسراب
بقلم – وليد على
قضية الرزق تشغل بال كثير من الناس فكل واحد منا يريد ان يعيش حياة طيبة يكون فى سعة من العيش ولا يكون عيشه كدا ولكن هل قضية الرزق مثلما يدور فى أذهاننا ؟؟؟
أعلم أخى الكريم أولاً ان الرزق قدرة الله عليك وانت فى بطن أمك قبل ان تاتى الى الدنيا فعن بن مسعود في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أحدَكم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا نطفة، ثم يكونُ علقةً مثلَ ذلك، ثم يكونُ مضغةً مثلَ ذلك، ثم يُرسلُ اللهُ تعالى إليه الملكَ فينفخُ فيه الروحَ، ويُؤمرُ بأربعِ كلماتٍ: رزقُه، وأجلُه، وعملُه، وشقيٌّ أم سعيدٌ، …) [متفق عليه]
فالرزق يطلب العبد أكثر مما يطلبه العبد، قال تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}[الذاريات:22]، وقال تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود:6]
ولهذا فان الله قد ضمن لك رزقك وجعله لك فوق رأسك ولكن فقط عليك ان تجمل فى الطلب ولا تطلب ما عند الله الا بطاعته … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب)
فهذه هى الحقيقة التى يجب اولاٍ ان نعلمها وان نؤمن بها ولا نغفل عنها لان من يغفل يتخبط فى حياة ويجعله الشيطان يعيش ولا يرى الا الضيق من الرزق وهو لا يدرى انه فى نعمة وفضل من الله
قال الله تعالى ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
فالحذر أشد الحذر من فتنة الشيطان فى هذا الامر
ثانيا يجب ان نعلم ان ليس الرزق زيادة فى المال فربما كان رزقك من المال محدود لكنك تعيش فى سعادة ونعمة بالغة وغيرك عنده من المال ماليس عندك لكنه ليس عنده من الرزق ما عندك فيعيش فى ضيق وفى نكد وضنك وربما يوسوس اليه الشيطان فيجله يسخط على حياته وعلى ما قدرله فيها من نعيم
فعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:( ليس الغِنى عن كثرة العرَض، ولكن الغِنى غِنى النفس )
وعلى هذا فيجب ان لا ننشغل بالرزق المادى وننسى الرزق الذى قدرة الله لك فى حياتك وكان مخفيا لا يرى بالعين وإنما يرى بالقلب فى السعادة رزق وسعة الصدر وانشراحه رزق والزوجة الصالحة رزق وطاعة الاولاد رزق كل هذا وغيره من الارزاق التى قدرها الله وجعلها مخفية فاذا تدبرت رأيتها .
وهناك أمور تزيد من هذه الارزاق اذا ما أنت قمت بها منها صلة الرحم
وأعلم أن صلة الرحم بصفة عامة من أسباب سعة الرزق أيضا؛ كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه
ومن المعلوم أن أصحاب الرحم لا يربطهم بالمرء إلا والداه، فإذا كان الله جل وعلا جعل صلة الرحم من أسباب سعة الرزق فكيف ببر الوالدين، فما أحقر هذه الدنيا التي شغلتنا عن الآخرة، وتسببت لنا في عقوق الآباء وقطع الأرحام, وانتابنا الهم والغم إن هي قلت في أيدينا .
فلا تحزن يا أخي ولا تيأس، ولا تنظر إلى من فوقك في أمور الدنيا، وانظر إلى من دونك، تدرك نعمة الله عليك، فإن كنت فقيراً فغيرك مثقل بالديون، وإن قل المال في يدك فغيرك قد فَقَد المال والصحة والولد، فارض بقضاء الله وقدره في تقسيم الأرزاق، واعلم أن الله لا يقدر لك إلا الخير، وأن تدبير الله لك خير من تدبيرك لنفسك، ولا يعني ذلك أن تترك الأخذ بأسباب الرزق فهذا قدح في الشرع، ولكن إذا ضاق بك الحال أو قصرت بك النفقة، فتوكل على الله وحده، والجأ إليه بالدعاء والتضرع بين يديه لا سيما في الثلث الأخير
وتذكر حديث النبى صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهِ ما الفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ)[صحيح البخاري]
و روى الترمذي رحمه الله عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ ”
فهكذا الدنيا اجعلها فى يدك ولا تجعلها فى قلبك وانظر الى من هو دونك وارضى بما قسم الله لك وصل رحمك وأحسن الى الناس وابذل الخير بهذا ترزق وبهذا يزداد رزقك وخيرك وتكون فى نعمة دائما .