السيرة النبوية (21) إسلام خباب بن الأرت وضماد الأزدي

بقلم : الدكتور محمد النجار
ذكرنا في الحلقة السابقة(20) صعوبة نطق قريش بكلمة(( لا إله الله .. )) وعدم الاعتراف بها، ولماذا لم تنطق بها رغم انها كلمة بسيطة من عدة حروف تتجنب بها المعارك والدماء في صراعها مع رسول الله ودين الاسلام ، وذكرنا فشل كافة محاولات قريش لإقناع أبي طالب في التخلي عن ابن اخيه مهما كلفه ذلك ،مما أثار ثائرة سادة قريش ، فلجأوا الى الجنون وعدم تحكيم العقل خاصة عندما تتنزل آية على محمد صلى الله عليه وسلم ، ويزداد غضبهم اكثر عند أي بادرة أمل بإيمان أي عبدٍ من عبيدهم تجاه الدين الجديد.
واصبح لا يشغل سادة قريش سوى الثأر من موقف أبي طالب ورفضه تسليم ابن اخيه ، فإذا كانوا لا يستطيعون تنفيذ هذا الثأر في محمد صلى الله عليه وسلم لحمايته في عمه و عشيرته ، فإنهم ينتقمون من أتباعه الذين لا سند لهم ولا حماية تدفع عنهم الاذى.
ورغم أن جميعهم يعلمون أن محمدا رسول الله حقا ،لكنهم يعلمون أيضا أن كبرياءهم وسلطانهم واقتصادهم كل هذا سيذهب إن تساووْا في العبودية لله مع العبيد والموالي ..و الفقراء والمساكين.
واستقر الرأي على ان يقوم المستكبرون الظالمون في تعذيب الذين آمنوا ، ووافقت كل عشيرة على تعذيب المؤمنين منها دون رحمة أو تهاون أو شفقه ، انه ألوان من العذاب يَفتنُ المؤمن عن دينه، مما يدل على وحشيتهم ووحشية اساليبهم وقسوتهم بكل ما كانت تغلي به صدورهم من الغيظ والحقد الشنيع على الدعوة وأتباعها ، لقد جعلوا دأبهم محاربة هؤلاء المساكين المستضعفين ، يضربونهم ويذيقونَهم الجوع والعطش والبأساء والضراء ، كل هذا ليخرجونهم عن دينهم الاسلامي وعقيدة التوحيد ،وشهادة لا إلا الله وأن محمدا رسول الله …
وقد ذكرنا في حلقات سابقة تعذيب ال ياسر وبلال الحبشي وصهيب الرومي وزيد بن حارثة وغيرهم
ونتناول في حلقتنا هذه رقم (21) قصة الصحابيين خباب بن الأرت وضماد الأزدي :
أولا : خباب بن ا الارت : 
اسمه ” خبابُ بنُ الأرت من تميم وكنيته ” أبو يحيى التميمي”
أسلم خباب بن الارت قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها .
( الطبقات الكبرى-خباب بن الارت 65 جزء 3 ص153)
قال ابن اسحاق : ذكر اسلام خباب بعد تسعة عشر انسانا ، وأنه كمل العشرين .
كانت مهنته صناعة السيوف في مكة، فصنع سيفا للعاص بن وائل ، فجاءه يتقاضى ثمن السيف، فرفض العاص بن وائل قائلا له : لا أُعطيك حتى تكفر بمحمد!
فقال له خباب : لا أكفرُ بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموتَ ثم تُبعث .
فقال العاص بن وائل : إذا بُعثتُ كان لي مالٌ ، فسوف اقضيك .
فقال خباب ذلك لرسول الله صلى الله عليه ، فنزلت الاية :
(( افرأيت الذي كفر بآياتنا ، وقال لأُوتينَّ مالاً وولدا)) مريم 78.
تعذيب قريش لخباب :
وقد عذبه كفار قريش عذابا شديدا ، فكانوا يعرونه (ويخلعون عنه ملابسه)ويلصقون ظهره بالرمضاء وهي الحجارة المحماة بالنار ، ويلوون رأسه ، فلم يجبهم الى شئ مما أرادوا منه .
دخل خباب بن الأرت على عمر بن الخطاب فأجلسه على مُتَّكئه وقال : ما على الارض أحدٌ أحقُّ بهذا المجلس من هذا إلا رجل واحد ، قال خباب : مَنْ هو يا أمير المؤمنين ؟ قال : بلالٌ . فقال له خباب : يا أمير المؤمنين ما هو بأحق مني ، إن بلالا كان له في المشركين من يمنعه الله به ولم يكن لي أحدٌ يمنعني ، فلقد رأيتني يوما أخذوني وأوقدوا لي ناراً ثم سلقوني فيها ثم وضع رَجُلٌ رجله على صدري فما اتّقيْتُ الارض ، أو قال بَرْدَ الارض ، إلا بظهري ، قال : ثم كشف عن ظهره فإذا هو قد بَرِصَ. أي علامات بيضاء من كي النار اثناء تعذيبه.
خباب يتضائل بنفسه ويبكي عند الوفاة :
وقد زار نفرٌ من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خبابا فقالوا له : أبْشر يا أبا عبدالله ، إخوانك تَقْدَمُ عليهم غدا ، فبكي وقال : عليها من حالي …. أما إنه ليس بي جزعٌ ، ولكن ذكرتموني أقواما وسميتموهم لي إخوانا ، وإن اولئك مضوا بإجورهم كما هي ، وإني أخاف ان يكون ثواب ما تذكرون من تلك الاعمال ما أُوتينا بعدهم .
وكان يقصد : ما أعظم الفارق بين حالي وحال اخوانه من الصحابة الذين سبقوه الى الله وانه قادم عليهم .
وقد تم دفن خباب بن الأرت في الكوفة.
قال محمد بن عمر : سمعتُ من يقول عن خباب أنه هو أول من قَبَرَهُ عليٌ بالكوفة وصلى عليه منصرفه من صفين . الطبقات الكبرى-خباب بن الارت 65 جزء 3 ص153
روى الطبراني : قال : لما رجع على ابن ابي طالب من صِفين ، مر بقبر خباب بن الأرت، فقال :
(( رحم اللهُ خباباً أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، وابْتُليَ في جسمه أحولاً ، ولن يُضيعَ اللهُ أجْرَهُ )). الاصابة في تمييز الصحابة 2215خباب بن الارت – جزء 2 ص221
الحرب الاعلامية ضد النبي :
فكان العرب يأتون الى بيت الله الحرام من أنحاء الجزيرة العربية ويلتقون في جو من الأمن والطمأنينة ،وكانوا يتأثرون بدعوته، وكان بعضهم يؤمن بدعوته ويشهد بوحدانية الله وانه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والبعض الاخر يتزعزع اعتقادهم بالأصنام والأوثان. وكان هؤلا ء الوافدون ينقلون أخبار الدين الجديد إلى مناطقهم وأهلهم عندما يعودون إلى ديارهم.
وهذا كان يزعج سادة كفار قريش حيث تنتشر دعوة محمد صلى الله عليه وسلم بين ربوع العرب بدلا من ان كانت محصورة في قريش حول البيت الحرام.
فازدادت نكاية كفار قريش ضد النبي واصحابه ، وخططت قريش لتشويه صورة النبي صلى الله عليه وسلم ، واصبحت تلتقي مع كل الوافدين الى البيت الحرام ويذكرون محمدا بكل سوء ومحاولة تشويه سمعته صلى الله عليه واتهامهم له بالسحر والجنون .
ومن بين الذين قابله كفار قريش ( ضماد بن ثعلبة الأزدي) الذي نحكي قصته ادناه.
ثانيا : ضماد بن ثعلبة الأزدي :
يقول عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة، وكان يرقي من هذه الريح (الجن)، فسمع ضماد سفهاء من أهل مكة، يقولون: إن محمدا مجنون.
فقال ضماد : لو أنِّي رأيتُ هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي، قال فلقيه، فقال: يا محمد إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهل لك أرقيك؟؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ:
((إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له)) ثلاث مرات .
فقال ضماد: أعِدْ علي كلماتك هؤلاء.
فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ ثلاث مرات.
فقال ضماد : لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات ، فهلم يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه على الاسلام .
وسبحان الله الذي بيده ملكوت السماوات والارض ،وبيده قلوب العباد ..
وسبحان الله صاحب الكبرياء والعظمة ، وصاحب التدبير ، وبيده الغلبة والنصر ، يؤيد عباده بجنوده الذي لايعلمهم إلا هو ، وما على العباد إلا الخضوع لكبرياءه ولهم عليه النصر والتمكين .. وهذه دروس
دروس مستفادة من قصة اسلام ضِماد الأزدي:
1.مدى حِلم النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجل (ضماد)رغم طلبه المستفز لمعالجته له من الجنون، ونتعلم منه الصبر على الشدائد وم الاستثارة والغضب في المواقف الصعبة ، فقد اتسع حِلم النبي مع من أساء إليه، فكانت النتائج ايجابية وقد اسلم ذلك الرجل .
ونفس موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي سفيان يوم جاء به العباس ابن عبدالمطلب معه على بغلته فرآه عمر بن الخطاب وعرفه قبل ان يدخل على الى النبي صلى الله عليه وسلم ،وقال : والله هذا عدو الله!!
وحاول العباس ان يسبق الدخول على النبي قبل ان يحضر عمر ،وتسابق ببغلته إلا ان عمر لحقه في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : هذا عدو الله أبو سفيان، قد أمكن الله منه في غير عهد ولا عقد..فدعني يارسول الله أضرب عنقه !!
فقال العباس : قد أجرته يا رسول الله.. والله لا يناجيه الليلة رجل دوني.
فلما أصر عمر على موقفه من أبي سفيان – وهو موقف طبيعي لأن مثل أبي سفيان لم يكن سوى عدوا لله ورسوله والمؤمنين.
فقال العباس: مهلاً يا عمر…. ! فوالله لو كان رجلاً من بني عديٍّ ما قلتَ هذا، ولكنه من بني عبد مناف.
فقال عمر ( وما أجمله من قول):
((مهلاً يا عباس … لا تقل هذا.. فو الله لإسلامك حين أسلمت كان أحبَّ إليَّ من إسلام الخطاب أبي لو أسلم، وذلك أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب)).
وتدخل النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : اذْهَبْ بِهِ يَا عَبَّاسُ إلَى رَحْلِك، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَأْتِنِي بِهِ .
فلما رآه النبي في الصباح قال له (( ويحك يا أبا سفيان !! أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللهُ؟!)).
فقال ابو سفيان : بأبي أنت وأمي، ما أحلمك، وأكرمك، وأوصلك، وأعظم عفوك!! لقد كاد أن يقع في نفسي أن لو كان إله غيره لقد أغنى شيئًا بعدُ. أي انه لو كان هناك اله غير الله لكان أغاثني واخذ بيدي واغناني عن هذا الموقف وهذا اعتراف منه بشهادة التوحيد.
فقال له النبي : وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ! أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟!!
انتبه لإجابة أبي سفيان في علمه ان محمدا رسول الله .. ماذا قال :
قال ابوسفيان : بأبي أنت وأمي، ما أحلمك، وأكرمك، وأوصلك، وأعظم عفوك! أما هذا -والله- فكان في النفس منها حتى الآن شيء. ( أي انه يشهد ألا اله الا الله .. لكنه حتى الان في صدره شئ من أن محمدا رسول الله ، ولم يعتر ف به حتى هذه اللحظة التي يجلسها مع رسول الله عليه ..
فقال له العباس : ويحك ! أسلمْ.. واشهدْ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله قبل أن تُضرب عنقك.
فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
لم يكن هذا اخر كرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان ..
بل قال العباس : يارسول الله ، إن أبا سفيان يحب الفخر ، فاجعل له شيئا…!
فقال النبي : (( نعم .. مَنْ دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومَنْ أغلق عليه بابه فهو آمن )).
فخرج ابو سفيان حتى أتاهم مكة ، فجعل يصيح بأعلى صوته : يامعشر قريش ، هذا محمدٌ قد أتاكم بما لا قِبَل لكم به!
فقامت امرأته ( هند بنت عتبة) وأخذت بشاربه ( أي شنبه) فقالت : اقتلوا هذا الدسم الأحمس ، فبئس طليعة قوم !!
فقال أبو سفيان : ويحكم !! لاتَغُرَّنكم هذه من أنفسكم، من دخل دار ابي سفيان فهو آمن .
فقالو ا له : ويحك !! ماتغني عنا دارك!! أي دارك لا تكفي كل هذه الاعداد الغفيرة من اهل مكة .
فقال : ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن . فتفرق الناس الى دورهم والى المسجد.
ونرى المروءة والمرونة في موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي سفيان ، رغم ان مواقف ابي سفيان طيلة فترة الدعوة في مكة أن يقتل الاسلام في مهده واشتراكه في اجتماع المشركين في دار الندوة للتخطيط لقتل النبي صلى الله عليه وسلم قبيل هجرته من مكة الى المدينة المنورة- الطبري : تاريخ الأمم والملوك ج1 ص 566 .
فكان حري بأن يكون الحكم عليه بالاعدام كمجرم حرب حسب الاعراف الدولية ومحاكم مجرمي الحرب العالمية جراء ما فعله من تخطيط ومؤامرات وجرائم ضد الانسانية .. إلا أن الانسانية المتمثلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلته يحاور أبا سفيان ويعفو عنه .. والذي جعل أبا سفيان يرى حقيقة رسول الله فيرد قائلا : بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ) رواه الطبراني .
2.لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم متعطشا للدماء ، فمثل هذا الموقف يستحق أمثال ابي سفيان عقوبة الاعدام ، إلا ان النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه ، وفي هذا رد على المستشرقين واتباعهم من العلمانيين الذين يتهمون شريعة الاسلام ظلما بأنها تتعطش للدماء ، وان السيف هو الطريق الوحيد للإسلام . انهم يحرمون البشرية من رحمة الاسلام نتيجة اتهام الاسلام بالارها ب والدماء ، وانهم هم المجرمون الذين يحملون وزر حرمان البشرية من تلك الرحمة التي ينعم بها الانسان في كل مكان في حال انتشار الاسلام .
3.خُطبة الحاجة – التي برزت اهميتها في إفتتاح حوار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ضماد رضي الله عنه وبركتها في اسلامه ، فهذه الخطبة التي استفتح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بها رده على ضمام يقال لها: خطبة الحاجة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يجعلها بين يدي خطبه ومواعظه، تحوي الكثير من الفوائد، حيث احتوت أصل الدين وهو توحيد الله ـ عز وجل والثناء على الله بما يستحقه، والاستعانة به سبحانه ، والاستغفار من الذنوب، كما أن فيها اعتماد كامل على الله و تفويض الأمر اليه، والإيمان والإقرار بأن الهداية بيد الله سبحانه وحده، فمن شاء هداه، ومن شاء أضله، كما تحتوي على ذكر الشهادتين، وهما مفتاح الدخول في الإسلام، ومفتاح الدخول في جنات رب العالمين .
4.تظهر علامات ودلائل نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي آتاه الله جوامع الكلم، وفصيح البيان، وجمال المنطق، ولذا فإن ضمادا ـ رضي الله عنه ـ لم من النبي صلى الله ليه وسلم سوى خطبة الحاجة، ولم يسمع منه أكثر من ذلك، فقال: ” فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات ، فهلم يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه على الاسلام .”، مع أنه ـ رضى الله عنه ـ، سمع الكثير من كلام الشعر والنثر والبلاغة ، لكنه لم يسمع كلاما مثل الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وهذه من دلائل نبوته، قال الله تعالى:
{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }(النَّجم الآية 3 : 4 ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم قال:
(( فُضِّلتُ على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهوراً
5.أثمرت تلك الخطبة مع ضماد انشراح صدره والايمان بالله ، رغم ان كثير من الكفار سمعوا كثيرا من ايات القرآن الكريم واحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل الايمان في قلوبهم ، بل بعضهم ازداد حقدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه تدل على أن الهداية بيد الله وحده
بينما لم يسمع ضماد من النبي صلّى الله عليه وسلّم سوى كلمات معدودة من النبي و ليست من القرآن لكنه آمن فورا بدون أي تردد .
قال الله تعالى : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }(القصص من الآية:56)
6.كم تُخبئ المِحَن من مِنح وفضل من الله ، أرادت قريش حربا إعلامية تهدف تشويه سمعة النبي عند ضماد واتهامه بالجنون والسحر ، مما دفع (ضماد) ـعلى السير للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أجل معالجته من السحر والجنون الذي وصمت قريش به محمد ا صلى الله عليه وسلم ،فانقلبت تلك الحرب الإعلامية القرشية على قريش نفسها ، حيث كانت السبب في إسلام ضماد بل وإسلام قومه جميعا.
قال الله تعالى: { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ }(البقرة من الآية:216) .
7.رجاحة عقل (ضماد رضي الله عنه : حينما دخل على الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه انه يَرْقي ويُعالج ، وأن الشفاء بمشيئة الله سبحانه ، وهذه من رجاحة عقله وعظيم أدبه مع الله ، فلم يدعي لنفسه انه يشفي بل اسند الشفاء لله وحده ، هذا قبل أن يُسلم ، وهذه الفطرة السليمة التي تهدي صاحبها الى الطريق المستقيم مع الله .
بهذا نختم الحلقة الواحد والعشرين (21) ، ونلتقي معكم بإذن الله في الحلقة الثامنة عشر(22) يوم الجمعة القادم مع فقه السيرة وظلال النبوة.
ملاحظة : يتم الاحتفاظ بالمراجع لعدم امكانية نشرها في الجريدة في الوقت الحاضر

الجمعة 04 ربيع ثان 1439هـ
الموافق 22 ديسمبر 2017