الصحفيين والمصادر .. مطاردة ثنائية لا تخلو من الطرائف والإحراج
(وضوح ) تفضح مواقف الصحفيين عندما يتحولون إلى مصادر
تحقيق: هدير عبد المنعم
في حياتنا ثنائيات ترتبط دائما ببعضها البعض ، لا يذكر أحدهما الا ويذكر الاخر، مثل الماء والهواء ،الصبح والمساء ،القط والفأر والصحفيين والمصادر . فالصحفي لا يمكن أن يمر يوم عمله دون مصادر، والمصدر هو الشخص الذي يذهب إليه الصحفي للحصول على معلومة ذات مصداقية أو للتأكد من معلومة ، او لنفي شائعة ، او للتحاور مغه. والمصادر أشكال وأنواع ومواقف ،وحرصت ( وضوح ) على ان تقدم للقارئ بعضا من هذه المواقف التي يواجهها الصحفيين مع مصادرهم لتقديم المادة التي يقرأها وهي مواقف متنوعة منها الغريب ومنها المضحك ومنها الباكي ،فقررنا أن نسمع من الصحفيين عن حكاياتهم مع مصادرهم التي لا تنسى .
مواقف غريبة
في بعض الأحيان يكون كرم المصدر الزائد مشكلة ،فقالت وفاء أحمد المصورة الصحفية بفيتو، أنها تعاني عندما تذهب لإجراء حوار مع مصدر،ثم يقدم لها شيء تشرب أي مشروب ، ويصمم أنها لن ترحل إلا بعد أن تشرب ،ولسوء الحظ يكن المشروب المقدم غير محبب لها ،فتشرب مرغمة فقط لتستطيع الرحيل. وقد يكون للمصدر طلبات غريبة ،كما ذكرت وفاء أيضا أنها عند تصوير تقارير بالشارع ،أحيانا تصور بكاميرا وأحيانا بتليفون حسب المتاح ،وذات مرة كانت تسجل بكاميرا صغيرة مع إحدى السيدات ،فلم ترى السيدة الكاميرا وظنت أن التصوير بالتليفون ،فاعترضت قائلة” لو هتصوري بالتليفون أنا مش موافقة لو معاكي كاميرا ممكن” . وبعض الإثارة لن تضر ،فأشارت وفاء أنها ذهبت لإجراء حوار مع أحد الشخصيات المسئولة بالدولة ،وكان عصبيا جدا ،فآثرت السلامة ورحلت مسرعة ،وقالت”مكملتش الحوار يومها واستأذنت ومشيت على الطول أنا والمصور علشان خوفت يتطاول ويتطردنا
سوء الحظ
وقد يكون المصدر متعاون والصحفي ملتزم ،ولكن لسوء الحظ رأى آخر،كما حدث مع ريهام كمال الصحفية بالمواطن ،التي قالت أنها اتصلت بالفنان محمد مهران لأخذ تصريح منه بمناسبة دوره بمسلسل أبو العروسة ،وأضافت أنه لم يمانع وأبدى تعاون كبير ،ولكن لم تكتمل المكالمة من الصباح إلى الخامسة مساء ،قائلة”كل ما اكلمه يحصل معاه حاجة ويقولي معلش يا ريهام كلميني كمان نص ساعة و لم احصل على الحوار.
نرجسية وتحرش
وهناك نوع من المصادر نرجسي، يحب الاهتمام به ، قالت نورا عمرو الصحفية بجريدة البيان ،أنها تعاملت مع أحد أقل المصادر ذوقا، فشن هجوما كبيرا عليها وهددها برفع قضية ضدها ،لماذا ؟ لأنه اتصل بها ولم ترد.
أما إيمان ماهر الصحفية بالدستور،فقالت إن أغلب مواقفها كانت تعرضها للتحرش من قبل المصادر ،وذكرت أنها ذهبت لإجراء حوار مع شخصية مشهورة بصحبة مصور زميل وكان المصدر عصبيا جدا ويردد “أنا عملت حوارات كتير وقولت كل حاجة إيه الإضافة اللي هتضيفيها لتاريخي” ،وتابعت أنها أقنعته أن يلتقط المصور الصور وثم يتم الاتفاق على الأسئلة،وما أن ذهب المصور حتى هدأ وأصبح أكثر لطفا وطلب منها أن تلحقه لغرفة داخلية يكتب بها،فرفضت وذهبت مسرعة
دروس في المهنة.
وقد يذهب بك حظك العسر إلى أن يكون المصدر أستاذ مخضرم من أساتذة الصحافة والإعلام فيحولك إلى تلميذ لا تعرف أصول المهنة ،أشارت هداية الله أسامة الصحفية بجريدة الوفد ،أنها تتحدث مع المصادر بالتليفون نظرا لمتطلبات السرعة التي يقتضيها العمل الصحفي في الوقت الراهن ودون مشكلات. حتى طُلب منها موضوع مصدره أحد أساتذة الإعلام الكبار ،فاتصلت بالمصدر صباحا وكانت الإجابة: “أنا دلوقتي طالعة من الحمام ورايحة البس وافطر ،هل يصح أننا نكلم المصادر في التليفون” ،وتحول الأمر لدرس في المهنة.
مواقف محرجة
أن تكن قصير القامة قليلا سيجعلك تبدو أصغر من سنك ،وقد تكون ميزة إن كنت ليس صحفيا ،أما لو كنت صحفي ومتخصص بشئون وزارة التربية والتعليم ،قد يعرضك الأمر لمأساة ،قالت ريم محمود الصحفية بجريدة الفجر،أنها مسئولة عن كل ما يخص وزارة التربية والتعليم والمدارس ،وأشارت أن طولها 148 سم لذا تبدو أصغر من عمرها ،وهنا المأساة ،قالت ريم أنها كانت بصحبة وزير التربية والتعليم في زيارة لمدارس حي الأسمرات ،وعند الدخول لإحدى المدارس رفض المدير دخولها ،وصمم أنها طالبة ويجب أن تدخل من باب الطالبات ،حتى أن حرس الوزير والوزير نفسه تدخل لإخباره أنها صحفية ولم يقتنع إلا عندما رأى بطاقتها الخاصة ،حتى أدخلها دون اقتناع ، وقد توقعك شطارتك بموقف محرج ،فذكرت ريم أثناء حضورها لمؤتمر لوزير التربية والتعليم ،قال الوزير “فين ريم “بالميكرفون ،مما استرعي انتباه الحضور ونظروا باتجاهها ،فقال الوزير للصحفيين كونوا مثل ريم “أسرع واحدة تبعتلي رسايل بمشاكل المدارس ،مرة طالب مات ،مرة سور وقع ،لو في مشاكل ابعتولي زيها” ،وأكملت أن بعد المؤتمر أتى العديد من الحضور ليتعرفوا عليها وكانت في غاية الإحراج ،ولكنها أصبحت مشهورة..
ويحدث أن تظل تتحدث مع المصدر لفترة من الزمن ، أنت تسأل وهو يجيب ،ثم في النهاية يقول جملة بسيطة “طبعا الكلام ده مش للنشر” فلا تعرف حينها تضحك أم تبكي ،وهذا ما حدث مع الصحفية رشا المنسي الصحفية بجريدة الفجر،عندما كانت تسأل أحد الخبراء عن تعويم الجنيه وبعد انتهاء الحديث فاجئها أن المعلومات ليست للنشر ،وذكرت رشا أيضا أنها كانت تتحدث لأحد المصادر السياسية وابنته الصغيرة بكت ،فأعطاها التليفون قائلا”كلمي طنط” وتركها معها ،وأضافت رشا أنها كانت تتحدث مع سيدة يمنية مقيمة بمصر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وقبل أن تسأل ،قالت لها السيدة “مش هتكلم غير لما تجيبيلي سريرين” ،فالسيدة كانت تبحث عن مكان لشراء سريرين مستعملين ووجدت ضالتها بالصحفية.
عروض للتمثيل
وقد تذهب لإجراء حوار كصحفي وتكتشف إن بداخلك “ممثلة مستخبية” ،وهذا ما حدث مع إيمان أحمد الصحفية بجريدة المساء،ذات الأصول النوبية عندما ذهبت لإجراء حوار مع منى هلا ،فتحول الحوار الصحفي لمحاولات من مني هلا لإقناع إيمان بدخول مجال التمثيل ،لأن بشرتها السمراء جميلة ووجهها سينمائي.
عدوى المصادر
هذه نقطة من بحر يذخر بمواقف الصحفيين مع المصادر ،ولكن ماذا حدث للصحفيين عندما تحولوا لمصادر بهذا التحقيق؟ . دعني أخبرك عزيزي القارئ أني تحدثت مع ما يزيد عن الخمسون صحفيا وصحفية ولم يجيبني سوى من هم بالتحقيق ،والبقية تنوعت إجابتهم بين ” حلوة الفكرة ،بس أنا مش فاكرة مواقف” قد يكون فقدان مفاجئ بالذاكرة ،أو “دقايق وهحكيلك ،عندي مواقف كتير ” وإلى هذه اللحظة التي انتهيت من كتابة الموضوع لك ، لم تنتهي الدقائق ولم أعرف حكاية واحدة ،فيبدو أن السادة الصحفيين والصحفيات عندما تحولوا لمصادر ،أصابتهم العدوى . .عدوى المصادر ..