الصراط المستقيم

الصلاه والخشوع فيها هي الحياه الحقيقه

كتب محمود هاشمالصلاه والخشوع فيها هي الحياه الحقيقه 4

الصلاة عماد الدين، وعصام اليقين، ورأس القربات، وغرة الطاعات، وأعظم العبادات التي تصل بين العبد وربه، فلا خير في دين لا صلاة فيه، ولا خير في صلاة لا خشوع فيها، فالخشوع روح الصلاة ومقصودها

وكما بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته أعمال الصلاة الظاهرة من صفة ركوعها وسجودها وسائر أعمالها، يبين لنا في هذا الحديث الجليل عماد الصلاة وأساسها الباطن ألا وهو «الخشوع» “وأصل الخشوع هو لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته، فإذا خشع القلب تبعه خشوع الجوارح، ولهذا كان -صلى الله عليه وسلم- دائما ما يقول في ركوعه في الصلاة: «خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي

قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1-2]

وقال عز وجل
{وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]. قال مجاهد: “القنوت: الركود والخشوع وغض البصر وخفض الجناح من رهبة الله عز وجل وقال -صلى الله عليه وسلم-: «خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه وفي رواية: لا يحدث فيهما نفسه
غفر له ما تقدم من ذنبه [وفي رواية: إلا وجبت له الجنة
وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله
ولعظم أمر الخشوع كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دائما ما يستعيذ بالله من قلب لا يخشع.. فعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها
وأصل الخشوع الحاصل في القلب إنما هو من معرفة الله ومعرفة عظمته وجلاله وكماله، فمن كان بالله أعرف فهو له أخشع، ويتفاوت الخشوع في القلوب بحسب تفاوت معرفتها لمن خشعت له، فالعلم النافع هو ما باشر القلوب، فأوجب لها السكينة والخشية والإخبات لله والتواضع والانكسار”. قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر:28].. وقد عاتب الله تعالى من لا تخشع قلوبهم من ذكره فقال جل شأنه: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16].. قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: “ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين”. “ومتى تكلف الإنسان تعاطي الخشوع في جوارحه مع فراغ قلبه من الخشوع كان ذلك خشوع النفاق، وهو الذي كان السلف يستعيذون منه، كما قال حذيفة -رضي الله عنه-: إياكم وخشوع النفاق. فقيل له وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعا، والقلب ليس بخاشع. وقال الفضيل: كان يكره أن يُرى الرجل من الخشوع أكثر مما في قلبه. ونظر عمر -رضي الله عنه- إلى شاب قد نكس رأسه، فقال: يا هذا ارفع رأسك، فإن الخشوع لا يزيد على ما في القلب، فمن أظهر خشوعا غير ما في قلبه فإنما هو نفاق على نفاق. ورأت عائشة -رضي الله عنها- شبابا يمشون ويتماوتون في مشيتهم. فقالت لأصحابها: من هؤلاء؟ فقالوا: نساك. فقالت: كان عمر بن الخطاب إذا مشي أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع، وإذا أطعم أشبع، وكان هو الناسك حقا” والراجح في حكم الخشوع في الصلاة أنه «واجب» كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث يقول: قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45] وهذا يقتضي ذم غير الخاشعين، والذم لا يكون إلا لترك واجب أو فعل محرم، وإذا كان غير الخاشعين مذمومين دل ذلك على وجوب الخشوع، ويدل على وجوب الخشوع في الصلاة أيضا قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} إلى قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

اللهم ارزقنا الحفاظ علي الصلاه والخشوع فيها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.