أراء وقراءات

الكاتب الصحفي الكبير صالح إيراهيم يكتب : الحكيم يصمت ولا يموت !

 

سعدنا يوم السبت (٢٦ يوليو ٢٠٢٥) بتسجيل نادر بثته القناة ماسبيرو زمان ..حوار لا يتكرر بين الأديب المفكر العملاق الفيلسوف توفيق الحكيم وأعظم المحاورين مفيد فوزي -رحم الله الجميع.

**عرف عن الحكيم بأنه كان بخيلا أو حريصا في تعاملاته مع الجميع، إلا أنه كان بالغ الكرم في هذا الحوار النادر الذي نأمل أن تلتقطه قنوات أخرى ومنصات حتى تتعلم منه الأجيال دروسا وكنوزا..

**كنت في مقتبل حياتي العملية عندما قرأت روايته(عودة الروح) و حاولت أن أفك طلاسمها ولماذا اختارها الزعيم جمال عبد الناصر لتكون أيقونة ثورة ٢٣ يوليو أو الحركة المباركة ١٩٥٢ وهداني عقلي -وقتها- أنه ربما السبب تأثر عبد الناصر ببطل الرواية..الشاب الريفي المكافح ..حامل جينات التغيير..

**بعدها وأثناء تدريبي في جريدة الجمهورية صارت ضجة كبرى ومعركة أدبية أثارها -فيما أذكر- العملاقان أحمد عباس صالح وأحمد رشدي صالح رحمهما الله – متهمين الحكيم بسرقة كتابه (حمار الحكيم) من كاتب إسباني وتأثرت للغاية بهذه الحملة الظالمة وقلت لنفسي –  وأنا ابن السادسة عشرة- لا يمكن أن يكون صاحب يوميات نائب في الأرياف سارقا لأي فكرة من أديب آخر على وجه الأرض..

بعدها جاءني الخبر السعيد عندما وضع عبد الناصر النقاط على الحروف وانتصر للمبدع المصري ومنحه قلادة الجمهورية فصمت المشككون والمتربصون.

**أحس توفيق الحكيم بعدها أنه يتمتع بحرية في التعبير ..ربما يكون سقفها متاحا له بشكل أكبر أو ربما لأنه يتمتع بذكاء نادر وفؤاد وعقل رشيد يزن ما يكتبه بميزان من ذهب..عادل ودقيق..بعدها انتقل للأهرام وكون مع أسماء كبيرة منتدى فكريا يشار له بالبنان ..

ومع إظهار القوة الناعمة المصرية وتنوع أشجارها المثمرة الشامخة مثل طه حسين وعباس العقاد ويوسف إدريس ونجبب محفوظ ونعمان عاشور وسعد الدين وهبة وبنت الشاطىء وسعد مكاوي ومحمد عبد الحليم عبد الله وغيرهم من الأغنياء  عن التعريف..

**تميز الحكيم أنه دائما يبحث عن الجديد وعلى سبيل المثال فقط مسرحيات مثل (يا طالع الشجرة) و (السلطان الحائر) وكانت دائما أعماله تفتح الباب لحوارات وإبداعات قادمة ونمت مدرسته الفكرية بشكل ملحوظ ..كما سمح وهو القادم من أصل ارستقراطي لابنه المرحوم إسماعيل بالعمل عازف جيتار وتكوين فرقة خاصة به وكان ذلك بالطبع حديث المجتمع لوقت طويل..

**وأعتقد شخصيا أن فترتي عمله كوكيل نيابة في الأرياف وأيضا تواجده في باريس للدراسة والكتابة هما أهم فترات حياته الإبداعية والعملية على حد سواء..

**وأخيرا يشاء القدر أن يرحل إلى رحاب السماء في ٢٦ يوليو ١٩٨٧ بعد أن كان قد نشر منذ سنوات كتابا بعنوان (عودة الوعي) يرد به على أيقونته (عودة الروح)

اليوم نذكره بالخير ونتمنى أن تظل أعماله دروسا للأجيال.

**شكرا لماسبيرو زمان..القناة الوفية..التي تقاوم النسيان لأنها تذكرنا بعمالقة مصر وقوتها الناعمة في مختلف المجالات 

 صالح إبراهيم 

‏نائب أول رئيس تحرير جريدة الجمهورية‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى